Author

الكرة في ملعب «الغذاء والدواء» وهيئة المنافسة

|
كاتب ومستشار اقتصادي


فاجأنا مورد الأطعمة عمر الدوسري في لقاء له مع برنامج "تم" بمعلومات غريبة، فهو يؤكد أن المطاعم عندنا تطبخ حبوب البنادول مع الأرز بغرض تكبير حبة الأرز حين طبخه، كما تضع حبوب الأسبرين مع اللحم لتجعله طريا بشكل أكبر.
مورد الأطعمة أشار أيضا في حديثه المهم عن تقاسم جاليات معينة للسوق، فالجالية الأفغانية هي المسيطرة على مطاعم البخاري، والجالية اليمنية هي المهيمنة على مطاعم المثلوثة، وجالية ثالثة تسيطر على سوق البيض، وجاليات أخرى تسيطر على أنواع أخرى من السلع والخدمات في السوق، وهذا مشاهد ومعروف للجميع بالتأكيد.
مورد الأطعمة ذكر كذلك قيام التجار باتفاقيات لرفع الأسعار، وهذا لا يقتصر على مطاعم الأرز التي عاقبتها هيئة المنافسة بغرامات مالية العام الماضي، بل أكد أن مطاعم الفرنشايز الشهيرة التي تبيع الهامبرجر تقوم باتفاق بينها لرفع الأسعار، فالأسعار ترتفع عند الجميع في الوقت نفسه ولا تكون في مطعم واحد فقط؛ وهذا دليل على الاتفاق بينهم، وهو ما يجب على هيئة المنافسة تتبعه وتقصيه ومعاقبة من يقوم به، فاتفاقيات رفع الأسعار بين التجار محرمة ويعاقب عليها القانون في كل دول العالم.
بالطبع، فيما عدا استخدام البنادول مع الأرز والأسبرين مع اللحم؛ فكل ما ذكره المورد عن تقاسم جاليات من جنسيات محددة لأنشطة السوق، واتفاق المطاعم مع اختلاف أنواعها على رفع الأسعار هي أمور معلومة ومعروفة للجميع، ونشاهدها ونقرأ أو نسمع عنها كثيرا.
ولعل حديث المورد وغيره في البرنامج المذكور يعيدنا لفتح ملف الغش التجاري في المملكة، فالملف ضخم والجهود التي تبذلها وزارة التجارة فيه جيدة ولكنها غير كافية، وتقدر بعض الإحصاءات حجم الغش التجاري في سوقنا بنحو 100 مليار ريال، وهو رقم كبير بلا شك، ويتطلب جهودا أكبر ومشاركة أكثر من جهة حكومية في تتبعه ومنعه.
ومن سلبيات احتكار جالية معينة لسوق سلعة معينة منع أو صعوبة دخول غيرهم في هذا النشاط، وخصوصا الشباب السعوديين، وكم سمعنا من شباب حاولوا الدخول في بعض الأنشطة عن الحروب والمضايقات التي يتعرضون لها من أبناء الجالية المسيطرة على النشاط ما اضطرهم إلى الخروج من السوق؛ أو بيع محالهم بالباطن لأحد أبناء الجالية المسيطرة وتحول الشباب السعوديون من مستثمرين إلى مجرد متسترين يحصلون على الفتات نتيجة المضايقات التي وجدوها في السوق.
وأما اتفاق مطاعم الفرنشايز التي تبيع الهامبرجر فهو أمر سبقهم إليه تجار المطاعم الشعبية، وسبق لهيئة المنافسة أن غرمت مطاعم كبيرة في السوق وبعض موردي الأرز الكبار نتيجة اتفاقهم على رفع الأسعار.
ختاما، حديث المورد حديث مهم، تطايرت به مواقع التواصل الاجتماعي ووصل إلى الجميع عبر "واتساب"، وأصبح حديث الشارع العام عندنا، والكرة اليوم في ملعب هيئة الغذاء والدواء لإثبات أو دحض ما قاله المورد بشأن طبخ الأرز بالبنادول واللحم بالأسبرين، وأما الجزء الآخر من حديثه حول اتفاق تجار الهامبرجر على رفع الأسعار فيخص هيئة المنافسة. ويجب على الهيئة اليوم متابعة مطاعم الوجبات السريعة فلا يستبعد اتفاق مالكيها على رفع الأسعار أيضا كما فعل ملاك المطاعم الشعبية من قبل؛ والمتضرر في كلتا الحالتين هو المستهلك. فيجب على الهيئتين التدخل لحمايته من الغش ومن رفع الأسعار بلا مبرر منطقي ولا مقنع من قبل التجار، وسلامتكم.

إنشرها