Author

أهمية السوق المالية لبناء كيانات وفرص استثمارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


قائمة أكبر 100 شركة وطنية ضمت مجموعة متنوعة من الشركات في مختلف القطاعات، منها القطاع المصرفي وقطاع الصناعة والكيانات الاستثمارية، وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، إضافة إلى قطاع الطاقة، رغم ضخامة مختلف القطاعات كقيمة سوقية وأصول، إلا أن المصارف حظيت بحصة الأسد والقيمة الأضخم في السوق لضخامة رأس مالها، إضافة إلى قيمتها السوقية وأرباحها، ويتميز هذا القطاع بالاستقرار نسبيا ونمو جيد خلال الفترة الماضية، ما جعله مستقرا في أعلى الترتيب، بقوة ومتانة القطاع المصرفي يعزز من قوة ومتانة القطاعات الأخرى باعتبار أن علاقتها به مباشرة، سواء من خلال التمويل أو الاستثمار، أما القطاعات الأخرى فلا يوجد من ينافس المصارف في قيمتها في السوق، أو حجم الأصول أو حتى حجم الأرباح السنوية، وجاءت قطاعات مثل الاتصالات والتغذية والمواد الأساسية في مستوى متقارب، إلا أن قطاع التأمين الذي يفترض أن يكون منافسا لقطاع المصارف، فلا يزال ضعيفا عطفا على الفرص، التي يتيحها السوق، وهنا تأتي أهمية دراسة هذا القطاع والعمل على زيادة كفاءته بما يلبي احتياجات السوق، ويدعم استدامة التنمية والخطط الاقتصادية، إذ إن التأمين له أهمية كبيرة في الاقتصاد، ويفترض ألا يقل حجمه عن قطاع المصارف، لما له من أهمية على مختلف الأنشطة الاقتصادية بما فيها قطاع المصارف والاستثمار، إلا أنه قد يكون التأخر في نشأة بعض الشركات كان له دور في عدم إسهامها بما يكفي في السوق المالية، وهنا تأتي أهمية الاهتمام بقطاع التأمين والعمل على أن يكون ضمن أضخم الشركات في السوق، سواء من خلال الاندماجات، أو بالشراكات الفاعلة مع كيانات التأمين العالمية، أما بقاء هذا القطاع بعيدا عن المنافسة في قائمة أضخم الشركات في السوق السعودية، أو في الاقتصاد الوطني قد يؤثر في نمو هذا القطاع ودعمه للاقتصاد.
هناك قطاعات لم تظهر بعد في القائمة، وهي القطاعات التي يمكن أن تحقق نموا في الفترة المقبلة، وهي قطاعات السياحة والترفيه، أو القطاعات التي لها علاقة بتلك القطاعات، مثل التطوير العقاري، حيث إن قطاع الفنادق ما زال يدرج ضمن الاستثمار العقاري باعتبار أن هذه الشركات تستثمر في قطاع الفنادق والتطوير العقاري، إلا أنه قد يكون هناك في الفترة المقبلة إدراج أقسام جديدة تتعلق بالسياحة، وقد يكون قطاع الترفيه أيضا له حجم أكبر مما هو موجود حاليا، حيث إن الاهتمام بهذا القطاع يزداد بصورة كبيرة، والإنفاق على المشاريع السياحية يزداد والفرص فيه كبيرة، خصوصا بعد البرامج والإجراءات، التي تمت بهذا الخصوص مثل الفيزا السياحية، والبرامج والمناسبات الترفيهية، إضافة إلى المشاريع السياحية العملاقة، التي يتوقع أن يتم طرحها في السوق بعد أن تكتمل البنية التحتية لها، وتكون قد بدأت بها المشاريع السياحية، ولذلك يمكن أن نتوقع تغييرات ملحوظة في هذا القطاع خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
قطاع الرعاية الصحية حقق مركزا جيدا في حجم الاستثمارات، والشركات ضمن القائمة تعد جميعها شركات مدرجة في السوق المالية، ولعل النمو السكاني له دور في نمو هذا القطاع ويمكن مستقبلا أن يحقق نتائج أفضل، سواء بنمو هذه الشركات المدرجة في قائمة أكبر 100 شركة سعودية، أو من الممكن أن يتم إدراج بعض القطاعات الصحية الحكومية في السوق، أو وجود كيانات واستثمارات أجنبية في هذا القطاع، إذ إن جاذبية هذا القطاع تزداد بصورة ملحوظة، والنمو في القطاع الخاص والتوظيف به كان له دور في نمو حجم الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية.
يمكن لنا أن نلاحظ من خلال النظر في القائمة، أن معظم الشركات المصنفة ضمن أضخم الـ100 شركة هو أنها شركات مدرجة في السوق المالية السعودية، وبعد إدراج "أرامكو السعودية" فإن تسع شركات فقط تعد خارج القائمة، وهذا له دلالات مهمة في الاقتصاد الوطني لعل من أهمها، سياسة توزيع الثروة حيث إن المساهمة في الشركات الأضخم في المملكة أصبحت متاحة في السوق، ويستطيع كل فرد شراء أسهم هذه الشركات وبيعها بسهولة والاستفادة من أدائها في تنمية ثروته، فالسوق تضم أهم وأفضل وأكبر الشركات السعودية، وما زالت السوق المالية متاحة لمزيد من الشركات، سواء من خلال إنشاء كيانات جديدة أو من خلال إدراج شركات قائمة، ومن الممكن أن نرى في القريب مزيد من الاكتتابات الجيدة التي تدعم السوق، خصوصا الشركات الحكومية المؤهلة لأن تطرح في السوق، خصوصا بعد البرنامج الحكومي للخصخصة، الذي يعمل على تخصيص بعض الوحدات الحكومية لتتحول إلى شركات، وبالتالي مساهمة المواطنين فيها، كما أنه يتوقع أيضا أن يكون هناك استثمارات أجنبية يمكن أن تجد في السوق السعودية فرصة جيدة لإدراج أسهمها بها، وهذا في نهاية الأمر يدعم فرص النمو في ثروات الأفراد والمستثمرين، ما يعزز من فرص التوزيع الأمثل للثروة ووفرة الفرص للمواطنين.
وجود الشركات الأضخم في السوق السعودية ضمن قائمة الشركات المدرجة في السوق المالية له دور في استقرار هذه الشركات وحوكمتها واستدامة أدائها، إذ إن الشركات العائلية مخاطر استمرارها عالية، خصوصا بعد انتقال إدارة هذه الشركات للجيل الثاني والثالث، حيث إن الأمل في بقاء واستمرار تلك الشركات ضعيف جدا، وهذا قد يؤثر بصورة ملحوظة في الاقتصاد، إذ إن هذه الشركات لها إسهامات في الاقتصاد المحلي ودعم النمو في الناتج المحلي، إضافة إلى إسهاماتها في التوظيف، ودعم توفر السلع والخدمات، وبانتهاء تلك الشركات يمكن أن يؤدي ذلك إلى أن يتأثر الاقتصاد، ولكن إدراج هذه الشركات في السوق المالية يجعل من فرص بقائها واستمرارها كبير لأجيال وأجيال لاحقة، ليس ذلك فقط، بل استمرار نموها ودعمها للاقتصاد وحوكمة أعمالها وزيادة معايير الشفافية فيها بما يعزز من كفاءة أدائها.

إنشرها