4 عوامل تدعم مكاسب النفط أبرزها خفض الإنتاج وانكماش «الأمريكي»
عادت أسعار النفط الخام إلى تسجيل ارتفاعات، بفعل التفاؤل بالتقدم الذي تم إحرازه في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، وتوقعات أن يكون للاتفاق انعكاسات جيدة على النمو الاقتصادي ومعدلات الطلب العالمي على النفط الخام.
وتتلقى الأسعار دعما قويا من اتفاق خفض الإنتاج في ضوء تعميقه مع بداية العام المقبل بنحو 500 ألف برميل يوميا إضافية و400 ألف برميل طوعية من السعودية وتوقعات السيطرة على فائض المعروض ودعم الاستقرار في السوق والحد من وتيرة بناء المخزونات النفطية.
يقول مختصون ومحللون نفطيون "إن العوامل الداعمة لصعود الأسعار وتحقيق مزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة أقوى بكثير من العوامل الضاغطة على الأسعار التي تحد من المكاسب".
وأشاروا إلى أن أسعار النفط سجلت أعلى مستوياتها في ثلاثة أشهر بتأثير من أربعة عوامل، تتمثل في التقدم الجيد في طريق احتواء نزاعات التجارة، إضافة إلى تخفيضات الإنتاج الأعمق التي ينفذها تحالف "أوبك+"، وتوقعات انكماش الإنتاج الأمريكي تحديدا تباطؤ الإمدادات من النفط الصخري، علاوة على ظهور مؤشرات تؤكد حدوث حالة من الاستقرار الواضح في أداء الاقتصاد العالمي.
في هذا الاطار، قال لـ"الاقتصادية" جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، "إن هناك حالة من تباين تقييمات وضع السوق، بالتحديد التخفيضات الإنتاجية الجديدة ومدى قدرتها على معالجة وفرة الإمدادات، خاصة أن هذه الوفرة غير محددة الحجم ويمكن أن تفوق التخفيضات الأكبر الجديدة، لكن كبار المنتجين جاهزون لاجتماع قريب في مارس لإعادة تقييم وضع السوق مع انتهاء الربع الأول من العام".
وأضاف أن "تحالف منتجي "أوبك+" واثق بقدرة الاتفاق بعد تعديله على استعادة كثير من حالة فقدان التوازن في السوق وتضييق الفجوة بين العرض والطلب"، لافتا إلى أنه في المقابل تتحدث وكالة الطاقة الدولية عما أسمته وفرة عنيدة في الإمدادات على المدى القصير، لكن ذلك لا يعني موقفا سلبيا بالكامل من خفض الإنتاج، حيث ترى وكالة الطاقة في التخفيضات المعمقة تأثيرات إيجابية في السوق أبرزها تبديل الحالة المعنوية إلى الإيجابية.
من جانبه، ذكر لـ"الاقتصادية" دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن وقف التصعيد في الحرب التجارية هو بمنزلة أنباء جيدة وداعمة لسوق النفط الخام، مشيرا إلى وجود حالة جديدة من المرونة في مواقف الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بخفض الرسوم الجمركية.
وأشار إلى أن توقعات قطاع كبير من المحللين أن الإنتاج الأمريكي سيمر بتباطؤ ملحوظ في العام المقبل 2020، وهو ما يدعم بلا شك أهداف تحالف المنتجين في "أوبك+" نحو سرعة استعادة الاستقرار والتوازن والتخلص من تخمة المعروض وفائض المخزونات.
من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية" ماركوس كروج؛ كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن المخاوف من الركود الاقتصادي العالمي في العام المقبل ما زالت باقية ولم تنته تماما على الرغم من المعنويات الإيجابية الجديدة الداعمة للنمو، خاصة في اقتصادات كبار الدول، مشيرا إلى أن التحركات الأخيرة ربما تنجح في حماية الاقتصاد العالمي من حدوث حالة من الركود الأعمق.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة حريصة على ألا تنزلق الحرب التجارية إلى فخ تدمير النمو العالمي وآفاقه المستقبلية، لذا جاء التدخل الجديد لبث أجواء إيجابية قبل بداية عام جديد قد يشهد وفرة في المعروض والإمدادات النفطية من دول مثل البرازيل والنرويج وجيانا، بينما يكافح الإنتاج الأمريكي للتغلب على عدة صعوبات رئيسة تتمثل في انخفاض عدد الحفارات وتباطؤ نشاط الحفر ومزيد من خفض الإنفاق في المستقبل القريب.
بدورها، أشارت نينا أنيجبوجو؛ المحللة الروسية ومختص التحكيم الاقتصادي، إلى أن بيانات الاقتصاد الصيني ما زالت قوية وداعمة لاستمرارية التوقعات الإيجابية للطلب على النفط الخام، خاصة مع بدء تحولات مهمة نحو احتواء مخاطر تصعيد نزاعات التجارة، لافتة إلى أن اجتماع المنتجين في "أوبك" وخارجها في مارس المقبل يجيء في إطار المتابعة المكثفة والمتلاحقة لتطورات السوق.
وبينت لـ"الاقتصادية" أن صناديق التحوط ومديري الأموال قاموا في الأسبوع الماضي بأقوى تحول إلى رهانات طويلة الأجل على النفط الخام خلال عامين، في إشارة إلى تطور إيجابي واسع فى معنويات السوق واتساع دائرة توقعات تسجيل الارتفاعات في مستوى الأسعار، وهو ما يعكس الثقة بخطة تعامل المنتجين مع السوق ومدى الثقة بقدرة الاقتصاد العالمي على تجاوز عثرات النمو الراهنة من خلال حسم النزاعات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط، أمس، مع استمرار ثقة المستثمرين، في ظل آمال بأن يعزز استمرار العمل على اتفاق تجاري مكتمل بين الصين والولايات المتحدة الطلب على النفط في أكبر اقتصادات العالم.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 11 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة إلى 65.45 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:37 بتوقيت جرينتش، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسعة سنتات بما يعادل 0.2 في المائة إلى 60.30 دولار للبرميل.
وبموجب اتفاق تجاري جزئي أُعلن عنه الأسبوع الماضي، ستخفض واشنطن جزءا من الرسوم الجمركية على الواردات من الصين مقابل مشتريات صينية لمنتجات زراعية ومصنعة ومنتجات طاقة تزيد بنحو 200 مليار دولار على مدار العامين المقبلين.
وقال لاري كودلو المستشار الكبير لدى البيت الأبيض، أمس الأول، "إن ما يطلق على "المرحلة واحد" من الاتفاق التجاري استكمل كليا"، مضيفا أن "صادرات الولايات المتحدة إلى الصين ستتضاعف بموجب الاتفاق".
ولم يوقع الاتفاق بعد، إذ قال عدد من المسؤولين الصينيين وفقا لـ"رويترز"، "إن صياغة الاتفاق تظل مسألة حرجة وتتطلب دقة لضمان ألا تقود التعبيرات المستخدمة في النص إلى تصعيد التوترات من جديد وتعميق الخلافات".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 67.22 دولار للبرميل، الإثنين الماضي، مقابل 66.76 دولار للبرميل لتعاملات يوم الجمعة.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 65.57 دولار للبرميل".