default Author

التحول الصيني ونموذج النمو القديم «3 من 3»

|


معظم ثروة نظام الظل المصرفي تسوقها الآن المصارف التجارية ولذلك تنظر إليها الأسر المعيشية بشكل خاطئ بوصفها منخفضة المخاطر. وقد زاد مجموع الإقراض في نظام الظل المصرفي زيادة هائلة في الأعوام الأخيرة، وبما لا يثير الدهشة، بدأ بعض الاستثمارات الحاصلة على تمويل يحقق نتائج سيئة. وتتجه استثمارات متنوعة عديدة مثل مناجم الفحم في شانجزي واللوحات الشمسية في منطقة شنغهاي والعقارات في مدن الفئة الثانية نحو الإفلاس، وبدأت الشركات المشاركة في تلك الاستثمارات تتخلف عن سداد قروضها. وحدث أول تخلف عن سداد سندات الشركات في تاريخ الصين المعاصر مطلع هذا العام. ومن المفيد أن يدرك المستثمرون أن منتجات نظام الظل المصرفي التي تنطوي على مخاطرة يمكن أن تفلس، لكن لا تريد الحكومة في الوقت نفسه أن يفقد عامة الجمهور الثقة بالنظام المالي ككل.
ويعد إعلان خطط تهدف إلى إدخال تأمين على الودائع رسميا هذا العام خطوة مهمة نحو الفصل بين القطاع المصرفي التجاري الحذر عن نظام الظل المصرفي الذي ينطوي على المخاطرة. وأعلن تشو شياو تشوان محافظ البنك المركزي أخيرا أن تحرير أسعار الفائدة سيكتمل في غضون عام إلى عامين. كما أن التحركات في الآونة الأخيرة لتحرير أسواق السندات والأسهم لإعطاء شركات القطاع الخاص سبلا أفضل للوصول إلى الأسواق الرأسمالية تعد أيضا خطوة في الاتجاه الصحيح، مثلما كانت الزيادة الأخيرة في نطاقات التقلب التي يتحرك فيها سعر الصرف. وتشير تقديرات الصندوق إلى أن سعر صرف العملة الصينية قد تغير من "تقدير قيمة العملة بأقل من قيمتها بقدر كبير للغاية" إلى "تقدير قيمة العملة بأقل من قيمتها بقدر متواضع" في الأعوام الأخيرة، وبالتالي لن تواجه السلطات صعوبات كبيرة في مواصلة الحد من تدخلاتها للسماح بوجود سعر صرف تحدده بشكل أكبر السوق. وينبغي أن يكون فتح الحساب الرأسمالي الخطوة الأخيرة من عملية الإصلاح المالي.
وأخيرا، يجب أن يواجه قطاع الخدمات في الصين منافسة من الشركات الخاصة والسوق الدولية. ولا تزال المؤسسات المملوكة للدولة تهيمن على الخدمات المعاصرة في التمويل والاتصالات ووسائل الإعلام واللوجيستيات على سبيل المثال لا الحصر. وإعادة التوازن من الاستثمار نحو الاستهلاك يعني أن التصنيع سينمو بسرعة أقل من سرعته في الماضي وأن قطاع الخدمات سيتوسع في الوقت نفسه. وستحتاج الصين إلى نمو أكبر في إنتاجية قطاع الخدمات، وهو ما يصعب تحقيقه في اقتصاد محمي، لكن تعتزم الصين بيع أسهم في عدد أكبر من شركات الخدمات "خصخصة جزئية" وهو ما سيساعد على تحقيق الأهداف إذا كان مصحوبا بمزيد من الانفتاح والمنافسة في هذه الأسواق.
سيكون لنجاح إعادة التوازن في الصين انعكاسات إيجابية وسلبية على الاقتصادات النامية الأخرى. ومقارنة بسيناريو "المسار المعتاد"، من المحتمل أن يؤدي إعادة التوازن إلى تباطؤ النمو في المستقبل القريب نظرا لكبح الاستثمارات المسرفة. لكن مع مرور الوقت، من المرجح أنه سيؤدي إلى نمو أسرع بقليل لأنه سيخفض تناقص عوائد نظام النمو القديم. والأهم من ذلك، هو أن تكوين النمو في الصين سيتغير في إطار إعادة التوازن، باستثمارات أقل ونمو أكبر في الإنتاجية ومزيد من الاستهلاك.
وبالنسبة لبعض الاقتصادات النامية الأخرى، فإن إعادة التوازن في الصين يعني انخفاض الرغبة في الواردات من المعادن والطاقة. وبوصف الصين محركا لأسعار المعادن المرتفعة خلال العقد الماضي، فإن كل زيادة في استثماراتها كانت تدفع أسعار المعادن إلى أعلى خلال فترة زمنية قصيرة؛ ووصلت هذه الأسعار إلى 200 في المائة من أسعارها التي كانت سائدة منذ عقد مضى. وقد أدى كبح الاستثمار في الصين بالفعل إلى هدوء أسعار السلع الأساسية. وإذ يفترض الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي إعادة توازن متواضع، فإنه يتوقع انخفاضات متواضعة مقابلة بأسعار الطاقة والمواد نسبتها 3 إلى 4 في المائة في العام.
وفي حين أنه من الصعب للغاية توقع أسعار السلع الأساسية، فمن المحتمل أن تنخفض الاستجابة لإعادة التوازن الأشد في الصين. وتزداد أسعار الفائدة على الدولار نتيجة تعافي اقتصاد الولايات المتحدة واستعدال السياسة النقدية للاتحاد الفيدرالي مع تراجع أسعار السلع الأساسية كرد فعل للتباطؤ في الصين، وهو ما يعني وجود مشكلات بالنسبة للبلدان النامية المصدرة للسلع الأساسية، خاصة تلك التي اقترضت بتهور. وفي حين أن من المتوقع أن ينخفض طلب الصين على السلع الأساسية، فمن المتوقع أن تؤدي إعادة التوازن إلى زيادة الطلب على السلع المصنعة والخدمات من الاقتصادات النامية الأخرى.
وارتفعت الأجور الحقيقية في الصين خلال الأعوام الأخيرة بنحو 15 في المائة في العام، بسرعة أكبر من أي مكان آخر في آسيا، حيث كانت النسب في العادة أقل من 10 في المائة بكثير. وفي حالة إضافة الارتفاع الفعلي الحقيقي في سعر صرف عملة الصين، ستكون النتيجة أن تصبح الصين من كبار المنتجين ذوي الأجور العالية بين الاقتصادات النامية الآسيوية.

إنشرها