Author

السوق العقارية المحلية 2016 - 2020

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية


خاضت السوق العقارية المحلية طريقا متقلبا طوال الفترة 2016 - 2019، بدأته منذ منتصف 2014 عبر دخولها موجة هابطة على مستوى النشاط العقاري، انخفضت خلاله من ذروتها العقارية الأعلى في تاريخها عند مستوى 441.2 مليار ريال، إلى أن وصلت بنهاية 2016 إلى نحو 265.2 مليار ريال، مسجلة انخفاضا بلغت نسبته 39.9 في المائة على مستوى إجمالي قيم الصفقات العقارية، وجاءت نسبة الانخفاض أعلى في جانب القطاع السكني الذي سجل انخفاضا خلال الفترة نفسها بنسبة 46.4 في المائة، منخفضا من 294.3 مليار ريال خلال 2014، ليستقر عند 157.7 مليار ريال بنهاية 2016، ما يعكس انخفاض القطاع السكني نحو نصف نشاطه خلال عامين فقط.
تخلل تلك الفترة صدور كثير من الأنظمة والإصلاحات والإجراءات الحكومية التي استهدفت تنظيم السوق وتخليصها من كثير من التشوهات، المتمثلة في تفاقم أشكال احتكار الأراضي بمساحات شاسعة، إضافة إلى تخليصها من التعاملات القائمة على المضاربات البحتة على الأراضي، وهي التشوهات التي أدت إلى حدوث تضخم كبير جدا في أسعار مختلف الأصول العقارية تجاريا وسكنيا خلال فترة ماضية قبل عام 2014.
وبعد صدور وإقرار الإصلاحات الحكومية، وبدء تنفيذها خلال الفترة من 2016 حتى تاريخه، استمر الانخفاض في نشاط السوق العقارية ليستقر بنهاية 2018 عند مستوى 142.7 مليار ريال "القطاع السكني 101.2 مليار ريال"، مسجلا نسبة انخفاض بلغت 46.2 في المائة مقارنة بمستواه خلال 2016، ومسجلا نسبة انخفاض بلغت 67.6 في المائة مقارنة بمستواه خلال 2014. وتزامن معها انخفاض في مستويات الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية، راوح بين 20 و50 في المائة على مختلف الأصول العقارية، وعبر مختلف المدن الرئيسة التي تم توثيق تلك النسب من الانخفاض فيها وفقا لبيانات وزارة العدل، ورغم كل ذلك استمرت مستويات الأسعار السوقية متضخمة، وظلت في منأى عن يد كثير من شرائح المجتمع الباحثين عن تملك مساكنهم.
حدث تحول لافت خلال العام الجاري الذي يوشك على نهايته، بدخول عامل التمويل العقاري الذي يقدر أن يراوح بين 76 مليار ريال ونحو 80 مليار ريال، وشكل نحو 54 في المائة من إجمالي نشاط القطاع السكني خلال العام الجاري، وضخ بدوره نشاطا ملموسا في السوق العقارية المحلية، يقدر أن يؤدي إلى ارتفاع قيم صفقات السوق بنحو 24.9 في المائة مع نهاية العام الجاري، وبنحو 36.7 في المائة في جانب قيمة صفقات القطاع السكني، الذي أفضى بدوره إلى عودة الأسعار إلى الارتفاع مقارنة بمستوياتها خلال العام الماضي "2018"، بنسب متفاوتة حسب المدن الرئيسة وحسب مختلف أنواع العقارات السكنية على وجه الخصوص، وصلت نسب ارتفاع بعضها إلى أعلى من 50 في المائة، ما زاد بدوره من أعباء وتكاليف تملك المساكن، على الرغم من انخفاض تكلفة الإيجارات من جانب آخر، حيث أسهمت وغيرها من العوامل الاقتصادية والمالية الرئيسة في الحد من وتيرة ارتفاع الأسعار التي لو غابت لوجدت السوق العقارية نفسها أمام نسب ارتفاع للأسعار تفوق كثيرا ما تحقق لها خلال العام الجاري.
الآن تدخل السوق العقارية السنة الأخيرة للفترة 2016 - 2020 على شكل سيكون مختلفا عما شهدته خلال الفترة الماضية، لعل من أبرز سماته هو تأهبها لضخ عشرات الملايين من أمتار الأراضي المطورة، ولأكثر من 90 ألف قطعة أرض سكنية مجانية، في الوقت ذاته الذي ستكون سخونة القروض العقارية قد تراجعت عما شهدته خلال العام الجاري، نظرا لانخفاض أعداد المقتدرين أو المؤهلين للحصول عليها لأسباب عديدة تتعلق بالملاءة المالية ومستوى الدخل الشهري، إضافة إلى ضخ أكثر من 370 ألف وحدة سكنية جديدة في سوق الإسكان، ستضاف إلى المخزون الكبير من الوحدات السكنية الشاغرة "تتجاوز 1.1 مليون وحدة سكنية شاغرة"، كل هذا سيلقي بظلاله الضاغطة جدا على مستويات الأسعار المتضخمة التي عادت إلى الارتفاع خلال العام الجاري.
هذه الصورة المنتظرة لما ستكون عليه السوق العقارية المحلية خلال العام المقبل، وما ستتضمنه من استكمال بقية الإصلاحات الحكومية الجذرية، ستنعكس بمشيئة الله تعالى على النحو الذي يعزز كثيرا من فرص الأفراد الباحثين عن تملك أراضيهم ومساكنهم بمستويات أسعار عادلة، وأقل بكثير مما هو قائم الآن، خاصة بعد زوال كثير من الأسباب المرحلية التي دفعتها إلى الارتفاع خلال العام الجاري، وتختتم برامج الإسكان مستهدفاتها وقد تحققت بأكملها، لعل من أهمها خفض مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي دخل الفرد السنوي من عشر مرات إلى خمس مرات بحلول 2020، وسيكون أحد أهم الأهداف التي يجب على وزارة الإسكان العمل على تحقيقه قبل نهاية العام المقبل، الذي سيؤدي تحققه بصورة حقيقية إلى إنجاز كثير من مهام ومسؤوليات تخليص السوق العقارية من وعثاء تضخم أسعار المساكن غير المبرر، الذي وقف خلف مشكلة وصعوبة تملك المواطنين والمواطنات مساكنهم.

إنشرها