Author

من الرياض .. مبادرات للاقتصاد العالمي

|

قبل نحو 20 عاما انطلقت أعمال مجموعة الدول العشرين، على أساس أنها الدول التي تسيطر على ما يزيد على 80 في المائة من الاقتصاد العالمي والموارد التي فيه، لكن تلك البدايات لم تكن مشجعة في ظل هيمنة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى على المشهد، حيث بقيت أعمال منتدى الدول العشرين على مستوى وزراء الاقتصاد والمالية، والقرارات لم تكن أكثر من اهتمامات، لكن الأحداث تغيرت بشكل دراماتيكي مع حدوث الأزمة المالية العالمية عام 2008، لقد كانت مجموعة الدول الثماني في وضع اقتصادي صعب وغير قادرة على مواجهة الأزمة وتطلب الأمر أن تتدخل الدول الأخرى ومن بينها السعودية لحل الأزمة وهذا تطلب تفعيل مجموعة الدول العشرين على مستوى القمة، وكانت المملكة في الموعد تماما بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - رحمه الله.
وقدمت المملكة العون وحافظت على النمو العالمي وأسهمت في استقرار أسعار النفط، ومنذ ذلك الحين بدت للعالم الأهمية الكبيرة لمجموعة الدول العشرين في معالجة المشكلات الاقتصادية العالمية، وبدأت مجموعة الدول الثماني تفسح المجال لتتولى مجموعة العشرين قيادة العالم، وطوال الأعوام العشرة الماضية وبحضور مستمر وفاعل من السعودية استطاعت الدول العشرون تجنب كثير من المشكلات والأزمات التي جاءت كموجات تسونامي اقتصادي بعد هزة الأزمة المالية العالمية، ومن ذلك الأزمة التي أصابت دول مجموعة الاتحاد الأوروبي.
لقد أثبتت المملكة ومن خلال الأحداث التي مرت على مجموعة العشرين أن إدارة الاقتصاد العالمي تقوم على المسؤولية وليست على استغلال الحدث، على المبادرة وليس على اجترار الحلول، على الثقة والحوار وليس على الهيمنة والإجبار، على التفاعل مع المشاريع العالمية من جميع الشعوب وليس على الانغلاق، هكذا تغيرت مجموعة العشرين منذ دخول المملكة كطرف فعال بلغة جديدة واحترام متبادل.
واليوم تتولى المملكة رئاسة المجموعة الاقتصادية الأهم في العالم أجمع، وبهذه المناسبة يبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رسالة سلام وترحيب بالعالم باسم شعب السعودية وحكومتها، ويعلن للعالم تفاؤلنا وسعينا إلى أن نبني للمجموعة بيئة حيوية للخروج بمبادرات ومخرجات تحقق آمال شعوب العالم. بهذه العبارات بدأت المملكة أعمالها للتحضير لهذا الحدث المهم، والهدف كما حدده خادم الحرمين الشريفين أن نحقق بيئة حيوية وأن يخرج اجتماع القادة في نهاية المسار بمبادرات تحقق آمال شعوب العالم. ولهذا فإن معرفة آمال الشعوب في مجموعة العشرين وكيفية تحقيقها ستكون عمل كثير من الممثلين، والأعمال والاجتماعات التحضيرية للقمة التاريخية المرتقبة، وهذه هي رسالة المملكة للعالم أجمع في خطاب واضح وصريح فالمملكة تؤمن بالعمل متعدد الأطراف ذي المنفعة المتبادلة ومن أجل التصدي للتحديات وصناعة فرص جديدة للبشرية.
لقد أثبتت مجموعة العشرين قدرتها على إدارة الاقتصاد العالمي، لكن هناك في المشهد تحديات خطيرة تتمثل في أحادية التوجه والصراع التجاري واختلال التوازن في البيئة والأسواق وتهديد سلاسل الإمداد التي تمكنت خلال العقد الماضي من تحقيق نمو قوي لكثير من الشعوب في العالم، ولهذا فإن مسؤولية قمة العشرين تبدو واضحة في العودة إلى التعاون واستثمار ذلك من خلال سن سياسات اقتصادية مستدامة لحماية كوكب الأرض، هذه هي رسالة المملكة للعالم في خطاب واضح صريح وشفاف يرسم الطريق "لاغتنام فرص القرن الـ21 للجميع".

إنشرها