دمج الهندسة والتعلم الآلي مع علوم الاقتصاد «3 من 3»

تشير آثي إلى دورها في "ريادة مجال اقتصاد التكنولوجيا" إلى جانب اقتصاديين آخرين، مثل هال فاريان من شركة جوجل، كإحدى المساهمات التي تمثل لها مصدر الفخر الأكبر على الإطلاق.
وتقول آثي "عندما أفكر في اقتصاد التكنولوجيا أجده مجالا واسع النطاق للغاية، حيث يشمل تصميم الأسواق، علاوة على التعلم الآلي وفهم تأثير التكنولوجيا في الاقتصاد".
يرجع زملاء آثي رجالا ونساء الفضل لها في إعطاء نموذج يحتذى للنساء في مجال طالما سيطر عليه الرجال. فقد أشرفت آثي على 45 من الحاصلين على درجة الدكتوراه وهو عدد كبير للغاية حسب قول أكاديميين آخرين وتمثل النساء أكثر من ثلث هذا العدد.
ومن هؤلاء أماليا ميلر التي تعمل حاليا أستاذا للاقتصاد في جامعة فيرجينيا. وتقول إن آثي كانت "مصدر إلهام ونموذجا يحتذى" إلى جانب أنها بدأت في تكوين أسرتها، بينما كانت تشرف على ميلر. وقد أنجبت ميلر طفلة تبلغ من العمر أربعة أعوام الآن.
وتقول ميلر "عندما أخبرت سوزان بأنني أنتظر مولودي الأول، جاء ردها صفحات وصفحات من النصائح". وكان من بين نصائحها مقترحات عن "مختلف الأمور العملية المتعلقة بإنتاجيتي" كأستاذة جامعية أثناء قيامي برعاية طفلتي كما اقترحت علي نوع المقعد الهزاز الذي ينبغي أن أشتريه. وتقول ميلر إنها اشترته بالفعل.
وقالت آثي نفسها إنها كانت تفتقر بالفعل إلى وجود نماذج نسائية لاحتذائها.
وتقول "كانت توجد صورة نمطية عن عالم الرياضيات الكفء، لكنها لم تنطبق علي. لذلك حاولت أن أبدو جادة، لأن البعض كانت لديهم شكوك بشأن مدى جديتي وفي ذكائي أيضا، وتضيف قائلة إن كل مرحلة في مسيرتها المهنية كانت لها تحدياتها.
وتضيف آثي قائلة "على الإنسان أن يشق طريقه في الصخر. فعندما حصلت على درجة الدكتوراه، لم يكن الأمر محسوما بشأن تعيين النساء ممن لديهن أطفال كأساتذة جامعيين، لكن زميلاتي من المرحلة العمرية نفسها استطعن حسم هذه القضية لمصلحتهن. وفي البداية، بدا الأمر كما لو كانت قضايا المساواة بين الجنسين الأهم على الإطلاق وتستطرد قائلة إنها لم تحل في واقع الأمر، ونضيف "لم تتحسن جميع الأحوال كما كنا ننتظر، ما أصابنا بخيبة الأمل".
وكانت آثي من بين عالمات الاقتصاد اللاتي اعترفن بتاريخ التحرش والتنمر والتمييز في مهنتهن خلال الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأمريكية المنعقد في كانون الثاني (يناير) الماضي. وفي إحدى الحلقات النقاشية، قالت آثي كما جاء في صحيفة "نيويورك تايمز" إنها كانت ترتدي بناطيل ذات لون كاكي وأحذية دون كعب للاندماج مع زملائها من الرجال في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
ونقلت صحيفة "التايمز" عنها قولها "إنها كانت تأمل طوال الوقت أن ينسى الجميع أنها امرأة".
وتوصل مسح لاحق أجرته الجمعية الاقتصادية الأمريكية على أكثر من تسعة آلاف اقتصادي إلى كثير من شواهد التحرش والتمييز. وأشار 70 في المائة من النساء المجيبات إلى أن عملهن كان يقابل بجدية أقل مقارنة بالرجال. وفي ضوء هذه النتائج، أعلنت الجمعية عددا من التدابير لمكافحة التمييز والتحرش.
تشغل آثي منصب مدير مبادرة تحقيق الرخاء المشترك والابتكار في كلية إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد. ويهدف هذا المشروع الذي مضى عام على إنشائه إلى تسخير التكنولوجيا لمواجهة المشكلات الاجتماعية، بما في ذلك الفقر وعدم المساواة.
وتقول آثي طوال فترة عملي في أسواق التكنولوجيا أدركت جميع الأمور التي يمكن القيام بها باستخدام البيانات. وأدى ذلك إلى اهتمامي أخيرا باستخدام التكنولوجيا في حل المشكلات الاجتماعية.
وتتضمن المشاريع الأولى التي نفذتها المبادرة تطبيق التعلم الآلي في شركات التكنولوجيا التعليمية، وتحسين نهج قياس الأثر. وتضيف آثي قائلة من الضروري القيام بذلك نظرا لأن شركات التكنولوجيا عادة ما تنخرط في إجراء تطويرات سريعة وتدريجية باستخدام البيانات المستمدة من تجارب كثيرة. وهذا أمر مهم للغاية بالنسبة لمشاريع الأثر الاجتماعي التي غالبا ما تعتمد على التمويل الخيري أو الحكومي. فالقدرة على إثبات الفعالية تعد أداة مكملة للنهج تربط التمويل بتحقيق منافع قابلة للقياس، مثل خطط التمويل على أساس النتائج. وتقول آثي إن المبادرة تدرس حاليا مجموعة من الأساليب الأخرى لتشجيع الابتكار، بما في ذلك تقاسم الدخل من أجل التدريب وتقديم جوائز للمبتكرين.
وتضيف آثي قائلة "إن تقديم الخدمات رقميا أو عبر منصات رقمية يعد مجالا طبيعيا للنمو بالنسبة لمشاريع الأثر الاجتماعي. وفي رأيي أن العمل بالمبادرة يجمع بين تصميم الأسواق والحوافز والتعلم الآلي من أجل تحقيق الأثر الاجتماعي. وتعد المبادرة أيضا امتدادا طبيعيا لعملي في مجال اقتصاد التكنولوجيا حيث تقوم على تطبيق اقتصاد التكنولوجيا على مجال الأثر الاجتماعي". ويقول مارشال، الذي كان يشرف على آثي خلال دراستها الجامعية، إن تأثيرها الكبير في الاقتصاد سيستمر من خلال طلابها الذين استفادوا من خبراتها على جميع المستويات. ويتوقع أن حفلات التقاعد خلال العقدين أو الثلاثة عقود التالية "ستضم عددا كبيرا من طلابها الذين سيقرون بالفارق الذي أحدثته حيالهم".
وتقول آثي عن نفسها "جل أملي أن يرى الناس خلال عقود قليلة إنجازات بارزة في المجال الذي اتجهت إليه أخيرا، ويسعوا إلى تطبيق هذا العلم المستمد من الاقتصاد وتصميم الأسواق والتعلم الآلي على المشكلات الاجتماعية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي