ثقافة وفنون

بعد 60 عاما من الغياب .. الموسيقى والمسرح يعودان إلى المدارس السعودية

بعد 60 عاما من الغياب .. الموسيقى والمسرح يعودان إلى المدارس السعودية

بعد 60 عاما من الغياب .. الموسيقى والمسرح يعودان إلى المدارس السعودية

تعود الموسيقى إلى المدارس السعودية، بعد غياب طويل استمر نحو 60 عاما، انتصر لها وزيرا الثقافة والتعليم، لتعيد إلى الأذهان أياما جميلة، حينما كانت الموسيقى تدرس في الفصول، والمسرح يكتشف المواهب ويصقلها بصفته "أبو الفنون"، قبل أن يتعطل لأعوام.
ينص الاتفاق المبدئي الجديد على التعاون بين الوزارتين في إدراج الثقافة والفنون في مناهج التعليم العام والأهلي، إضافة إلى نقل صلاحية إعطاء التصاريح والرخص للأنشطة والمسارات الثقافية والفنية إلى وزارة الثقافة، وأن يكون لوزارة الثقافة التصريح للمعاهد والجامعات والكليات والمدارس الأهلية للبرامج والأنشطة والمسارات التعليمية المستحدثة في الثقافة والفنون، إلى جانب دراسة نقل إنشاء وإصدار التصاريح للمعاهد والكليات والمدارس الأهلية المتخصصة في مجالات الثقافة والفنون إلى وزارة الثقافة، كما تم الاتفاق المبدئي بين الوزارتين على تفعيل واستخدام وتشغيل مرافق وزارة التعليم كالمسارح المدرسية والجامعية.

المقبل أجمل
عقب الاتفاق، قال الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة على "تويتر"، "الموسيقى والمسرح والفنون في تعليمنا، والقادم أجمل"، كما نشر صورة أرشيفية لفرقة موسيقية من طلاب مدرسة سعودية، وأرفقها بعبارة "أيام جميلة.. ستعود".
وكان مغردون قد تداولوا صورا متنوعة لفصول تدريس الموسيقى في حقبة الستينيات، منها صور لطلاب مدارس الثغر النموذجية في جدة، ويظهر في الصور 23 طالبا يعزفون على مختلف أنواع الآلات الموسيقية، كالبيانو والجيتار والطبل والكمان، فيما تظهر خلف الطلاب جدارية كبيرة رسمت عليها أدوات موسيقية.
مدارس الثغر التي كان يديرها الأستاذ محمد عبدالصمد فدا، أطلق فيها معارض للفن التشكيلي وليالي موسيقية، وأتاح حضورها لجميع أفراد المجتمع، كما أدخل فدا تدريس الموسيقى ضمن المناهج الدراسية، واستقدم من مصر عازفين لتدريس البيانو والأدوات الموسيقية، وكانت الحصص الموسيقية تقام كل يوم خميس، حيث كان الطلاب يدرسون النوتة الموسيقية، كما كانت هناك فرقة موسيقية للمدرسة تعزف جميع الأناشيد الوطنية، وتستقبل الرؤساء وزوار المدرسة، حيث سبق أن استقبلت في الماضي رئيس السودان السابق إسماعيل الأزهري، والرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة، ورئيس لبنان الأسبق شارل الحلو، والملاكم الشهير محمد علي كلاي، خلال زيارتهم المملكة.
أما بالنسبة إلى مدارس البنات، فشهدت منصات التواصل الاجتماعي تداول صور لمدارس "دار الحنان" للبنات في جدة، التي تأسست عام 1955، وتظهر في الصور طالبات يتدربن على الموسيقى في حصص الدراسة.

نوم أفضل .. وتحفيز المخ
شهدت الأيام الماضية حديثا متواصلا حول إدراج الموسيقى في المناهج، وهو ملف قديم متجدد، إلا أن التغييرات الاجتماعية الأخيرة في المملكة أسهمت في عودة الموسيقى، للمضي قدما نحو صقل موهبة التذوق لدى الطالب، ومساعدته على التكيف مع المجتمعات الأخرى، إضافة إلى دورها في تقليل الإجهاد والاكتئاب، وتأثيراتها في الذكاء والصحة والمزاج، بحسب موقع "لايف هاك" الطبي.
بحسب الدراسة المنشورة على الموقع الطبي، فإن مشاركة الناس في صنع الموسيقى وقرع الآلات المختلفة والغناء تعزز المناعة، في حين إن دراسة أخرى أظهرت أن الطلاب الأمريكيين الذين استمعوا للموسيقى حصلوا على نوم أفضل من الطلاب الذين مارسوا روتينهم اليومي، وأشارت دراسة أخرى لمركز أبحاث "هانز يواكيم تراب" الألماني إلى أن الموسيقى تفيد من يعاني أعراض الاكتئاب.
وفي مجال التدريب، قد يتساءل بعض عن جدوى تشغيل الموسيقى في مراكز اللياقة والرياضة، واتضح علميا أن الاستماع للموسيقى له تأثير إيجابي في زيادة القدرة على التحمل، وتأخير الشعور بالإجهاد، وزيادة نشاط المخ الذي ينعكس على إظهار المتدرب دلالات الإثارة والنشاط، كما يزيد الإنتاج.

جدل ملازم
الجدل ملازم للموسيقى دائما؛ ففي عام 2012 كان الدكتور حمد آل الشيخ نائبا لوزير التربية والتعليم، صرح خلال تدشينه المهرجان العاشر للفرق المسرحية المدرسية في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض بأنه لا يوجد حرج في وجود الموسيقى واستخدامها في العروض المسرحية داخل المدارس، ليلقى تصريحه هذا حينها أصداء واسعة.
واليوم في صورة أشبه بالأمس، تناول كتاب ومثقفون ومعلمون مقالات وتغريدات حول آرائهم في إدراج الموسيقى في المناهج الدراسية، مثل الكاتب محمد الدخيل، الذي يرى أن تدريس الموسيقى يجب ألا يكون اختياريا، مضيفا "تعودنا على أن يواجه أي تغيير ولو كان بسيطا في المجتمع بردود وموانع ناتجة عن طبيعة عقل تحرّم كل جديد وتخافه".
أما الكاتبة حليمة مظفر فقالت "إن تعليم الموسيقى لمن لا يدرك قيمتها هو مما يربي الذوق الرفيع والإحساس بالقيم الجمالية في الأشياء من حولنا مهما كانت متواضعة، وهذا ما نفتقده اليوم مع الأسف في كثير من سلوكياتنا، نتيجة التشوه الذي مر به جيلان أو ثلاثة".
وأضافت أن "تدريس الموسيقى له من الأثر النفسي ما يحقق التوازن الوجداني وتهذيب السلوك وتنمية الإحساس وتطوير الدماغ وتحسين سلوك المراهقين، كما أثبتته الدراسات العلمية، خاصة عند الأطفال في المرحلة الابتدائية، وهي خطوة مهمة أيضا لاكتشاف المواهب الفنية من أجل تقديمها لوزارة الثقافة، التي بدورها ستصقلها وتعززها وتبني بها فرقا وطنية موسيقية ومسرحية تنقل هويتنا الوطنية دوليا وتعززها محليا".
فيما علق سلطان البازعي الرئيس السابق للجمعية السعودية للثقافة والفنون في تصريح صحافي بأن "إدراج الموسيقى والمسرح في مدارسنا إضافة مهمة لتكامل شخصية الطالب".

اهتمام بالفلكلور الشعبي
في حديث المثقفين والمهتمين بالشأن التعليمي والثقافي نبرة تفاؤل حول إدارج الثقافة والفنون، ومن بينها الموسيقى والمسرح، في المناهج، واتفقوا في كتاباتهم على أن الموسيقى لا تدعو إلى الإرهاب والقتل، بل تدعو إلى الحب والحياة، فهي فن وثقافة وتحضر، وجزء من هويات الشعوب، وأنسنة لمناهج التعليم.
ولعل الأيام المقبلة تكشف مزيدا عن خطط وزارة التعليم فيما يتعلق بإدراج الثقافة والفنون في المناهج الجديدة للعام المقبل، وكذلك كادرها التعليمي، والمناهج التعليمية، وينتظر من الوزارة أن تحاكي التجارب العربية الرائدة، على أن تشتمل هذه المناهج على أساسيات الموسيقى، وتاريخ الفن السعودي والفلكلور الشعبي والتراث القديم، ورواد الأغنية السعودية الذين بدأوا المسيرة، وسارت على خطاهم أجيال فنية أطربت آذان ملايين في العالم العربي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون