التوظيف يتراجع في بريطانيا بفعل استمرار غموض «بريكست»
واصل نشاط التوظيف في بريطانيا تراجعه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وسط حالة من الغموض على الصعيدين السياسي والاقتصادي في البلاد بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست".
وبحسب "الألمانية"، أظهر تقرير التوظيف الصادر عن مؤسسة "إتش.آي ماركيت" للأبحاث الاقتصادية أمس أن التعيينات في الوظائف الدائمة استمرت في التراجع بوتيرة ثابتة خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث فضل أصحاب الأعمال الانتظار لحيث اتضاح الرؤية بشكل أكبر بشأن مستقبل عملية الانسحاب من الكتلة الأوروبية.
وتراجعت وتيرة نمو الوظائف المؤقتة في بريطانيا بنسبة هامشية، وأشارت البيانات إلى تراجع عدد المتقدمين لشغل الوظائف في ظل عزوف البريطانيين عن البحث عن وظائف جديدة.
في الوقت ذاته، استمر ارتفاع رواتب التعيينات الجديدة بوتيرة حادة، كما ارتفع متوسط الأجور للعمالة قصيرة المدى بشكل كبير.
وقال نيل كاربري، الرئيس التنفيذي لاتحاد التشغيل والتوظيف في بريطانيا، إن "أحد الجوانب المشرقة هي سوق العمل المؤقت الذي استمر في توفير فرص عمل مرنة للأشخاص والشركات، وهي مسألة مطلوبة في هذه الأوقات العصيبة".
من جهة أخرى، أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة إبسوس موري أن نصف مواطني المملكة المتحدة يعتقدون أن بلادهم قد لا تكون موجودة بشكلها الحالي خلال عقد من الزمن.
وأدى استفتاء 2016، وافق فيه البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبي، بنسبة 52 في المائة مقابل معارضة 48 في المائة، إلى خلخلة الروابط، التي تجمع إنجلترا، واسكتلندا، وويلز، وإيرلندا الشمالية، داخل كيان المملكة المتحدة، حيث صوتت اسكتلندا، وإيرلندا الشمالية، لمصلحة البقاء، بينما صوتت إنجلترا وويلز للمغادرة.
وفي الوقت، الذي تمضي فيه المملكة المتحدة صوب نهاية أحدث مهلة للخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني (يناير)، تتزايد الأصوات الداعية إلى إجراء استفتاء على الاستقلال في اسكتلندا، وإلى تصويت على توحيد إيرلندا الشمالية مع جمهورية إيرلندا.
ورفض الاسكتلنديون الاستقلال في تصويت كانت الغلبة فيه للرافضين بنسبة 55 في المائة 2014.
وأظهر استطلاع "إبسوس موري" أن 50 في المائة يعتقدون أن المملكة المتحدة لن تكون موجودة خلال عشرة أعوام ارتفاعا من 43 في المائة عام 2014، فيما ذكر 29 في المائة فقط أنها ستكون موجودة على هيئتها الحالية خلال عقد نزولا من 45 في المائة عام 2014.
وعلى المدى الأقصر، أحاط الغموض بمصير التكتل الأوروبي، الذي تتشكل منه بريطانيا، إذ ذكر 42 في المائة أن المملكة المتحدة ستظل موجودة خلال خمسة أعوام مقبلة، بينما رأى 44 في المائة أنها لن تبقى.
إلى ذلك، ألغت محكمة في الاتحاد الأوروبي، أمس قرارا أصدره البرلمان الأوروبي عام 2016 يلزم نوابا متشككين في اليورو بإعادة أموال أنفقوها على استطلاعات رأي تتعلق بخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي.
وفي 2016، وجد المجلس التشريعي الأوروبي أن التحالف من أجل الديمقراطية المباشرة "إيه دي دي إي"، المظلة السياسية لنواب حزب استقلال المملكة المتحدة البريطاني قد استخدم أموالا برلمانية لاستطلاعات رأي في تسع دول أعضاء قبيل إجراء انتخابات عامة عام 2015 واستفتاء "بريكست" عام 2016 في بريطانيا.
وبموجب أحكام الاتحاد الأوروبي، لا يمكن أن يتم استخدام تمويل لحزب سياسي أوروبي لتمويل أحزاب سياسية أخرى، خصوصا على المستوى الوطني أو من أجل تمويل حملات استفتائية.
وأصدر مكتب البرلمان، الذي يتعامل مع المسائل الإدارية وطاقم العاملين، قرارا بأن يعيد التحالف من أجل الديمقراطية المباشرة 172 ألفا و655 يورو (191.236 ألف دولار)، في قرار احتج عليه التحالف أمام المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي.
ودلل التحالف على أن القرار ليس عادلا ولا نزيها، نظرا إلى أن المكتب لا يضم ممثلين من أحزاب مناهضة لليورو وأن عضوة قد أدلت بتصريحات عامة أظهرت "عداءها، وغياب نزاهتها" تجاه التحالف، حسبما أفاد بيان للمحكمة.
وأيد القضاة في لوكسمبورج شكوى تحالف من أجل الديمقراطية المباشرة، وخلصوا إلى أن البرلمان يتعين عليه توفير ضمانات "لاستبعاد أي شكوك بشأن عدم التحيز" عندما يتم اتخاذ قرارات إدارية.
وأجرت المحكمة فحصا للتمويل محل القضية، الذي تم استخدامه لإجراء استطلاعات رأي تجاه عضوية الاتحاد الأوروبي في بلجيكا وفرنسا والمجر وهولندا وبولندا والسويد وبريطانيا.
غير أن القضاة وجدوا أن الاستطلاع، الذي أجري في بريطانيا انتهك قواعد الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بتمويل حملات الاستفتاءات.
وبناء على كل من النتيجتين، أبطلت المحكمة أمس قرار البرلمان عام 2016، ويمكن استئناف الحكم أمام محكمة العدل الأوروبية، أعلى محكمة في التكتل.