default Author

سوق الفن وسيلة جذابة لغسل الأموال «2 من 3»

|


بمقتضى قانون منع الاتجار غير المشروع بالفن والآثار -قيد النظر في الكونجرس- ستشترط حكومة الولايات المتحدة على المتعاملين في الفنون والآثار وضع برامج لمكافحة غسل الأموال، ومسك سجلات المشتريات النقدية، وإبلاغ الجهات التنظيمية الفيدرالية بأي أنشطة أو معاملات مشبوهة تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دولار، إضافة إلى ذلك، سيلزم صناعة الفن النظر في سجل العميل وفحص المشتريات والمبيعات، بحثا عن أدلة، على أن المال قد يكون مشوبا بالفساد.
في الاتحاد الأوروبي -بموجب التوجيه الخامس الصادر عنه لمكافحة غسل الأموال- سيلزم الأنشطة التجارية الفنية زيادة جهود فحص العملاء، والقيام قدر الإمكان بتمييز الغرض من جميع المعاملات الكبيرة، أو المتسمة بشدة التعقيد أو السرية.
من وجهة نظر عديد من تجار الأعمال الفنية، من شأن التغييرات القانونية في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حرمان البائعين من نقطة بيع رئيسة، هي القدرة على إخفاء هوية العملاء والحفاظ على الغموض الذي يحيط بسوق الفن. ففي الأعوام الماضية عندما كان ينظر إلى سوق الفنون الجميلة على أنها أحد الاهتمامات الأنيقة، لم يكن هناك أي ميل حقيقي من جانب السلطات لمراقبة هذا النشاط بقوة، على غرار ناشطي الصيرفة أو السمسرة، غير أن كل ذلك قد تغير في العقد الماضي أو نحو ذلك، بسبب المبالغ الهائلة من الأموال التي تتدفق على جمع الأعمال الفنية، والتركيز المتزايد على وقف الاتجار السري في القطع الأثرية المنهوبة والمهربة من الدول التي مزقتها الحروب.
يشير مسؤولو إنفاذ القانون حتى بعض تجار الأعمال الفنية الآن إلى أن السرية المفرطة قد أصبحت عائقا، لأن عددا متزايدا من ممارسي غسل الأموال اكتشفوا أن سوق الأعمال الفنية يمكن استخدامها كقناة سهلة. وبحسب ما أشار إليه مكتب التحقيقات الفيدرالي والإنتربول، فإنه مقارنة بالقطاعات التجارية الأخرى تواجه سوق الأعمال الفنية قدرا أكبر من مخاطر التعرض للممارسات المالية المريبة، لأن حجم المعاملات المشكوك فيها قانونيا أعلى بشكل ملحوظ مما هو في الأسواق العالمية الأخرى.
وتسرد حتى لائحة الاتهام المرفوعة ضد ماثيو جرين وشركائه محادثة سجلها عميل سري، زعم فيها قول جرين "إن تجارة الفن هي السوق الوحيدة التي تتسم بهذا القدر من عدم التنظيم"، واقتبس من جرين قوله "إن العميل بإمكانه حتى شراء الأعمال الفنية باسم مستعار من دون أي تداعيات".
يقول ريك سانت هيلير، وهو مدعٍ عام أمريكي سابق وخبير في قانون الأعمال الفنية والقطع الأثرية، "إن أجهزة إنفاذ القانون ستتمكن -بلا شك- من الكشف عن مزيد من الحالات المتعلقة بالأعمال الفنية وغسل الأموال، إذا ما أُضيف تجار الأعمال الفنية والقطع الأثرية إلى قائمة الشركات التي تتحمل المسؤولية القانونية للإبلاغ عن المدفوعات المشبوهة". ويرى أن الأمر في الوقت الحالي مفتوح على مصراعيه.
ويشير مؤيدو التوسع في القواعد التنظيمية إلى أن كل ما يريدونه هو أن تخضع التجارة في الفنون الجميلة والممتلكات الثقافية والتحف القديمة إلى اللوائح المالية نفسها التي تواجهها البنوك وغيرها من الصناعات.
ويقول توماس كرايست، عضو مجلس إدارة معهد بازل للحوكمة، وهو منظمة سويسرية غير ربحية اقترحت معايير لمكافحة غسل الأموال للقائمين على تشغيل سوق الفن، "إن سوق الأعمال الفنية تمثل ساحة لعب مثالية لغسل الأموال"، مضيفا "ضرورة المطالبة بقدر أكبر من الشفافية والسؤال عن مصدر الحصول على الأموال ووجهتها".
ليس من المستغرب أن تعارض صناعة الفن اللوائح التنظيمية، إذ تؤكد بعض القطاعات أن أمثلة غسل الأموال الفعلية عبر الاتجار في الأعمال الفنية نادرة أو مبالغ فيها من أجهزة إنفاذ القانون، التي تتوق إلى توليد العناوين الإخبارية المثيرة. ويشير آخرون، مثل الاتحاد الدولي لتجار الأعمال الفنية، إلى أن متطلبات إعداد التقارير تشكل عبئا ثقيلا على صغار اللاعبين في سوق الأعمال الفنية.
وفي مؤتمر حول غسل الأموال عُقد في العام الماضي، أشار جيمس ماكندرو -وهو عميل خاص سابق لوزارة الأمن الداخلي يتولى ممارسة الضغط الآن نيابة عن التجار وهواة الجمع- إلى أنه لم يُدَنْ تاجر أو جامع فنون بتهمة غسل الأموال عبر الفن. ففكرة أن المزادات نشاط مشبوه أو شرير أمر شائن، لأن ذلك لم يثبت. وحذر بيتر تومبا، مدير التحالف العالمي للتراث الذي يدعم تجار العملات المعدنية وصناعة السبائك، من أن كثيرين في هذه التجارة سيخرجون من السوق، لأن اعتماد المعايير الجديدة سيكون باهظ التكلفة... يتبع.

إنشرها