الطاقة- النفط

التضييق على تمويل مشاريع "الصخري الأمريكي" يمهد لتراجع الإنتاج

التضييق على تمويل مشاريع "الصخري الأمريكي" يمهد لتراجع الإنتاج

قال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن هناك تضييقا مستحدثا على تمويل مشروعات النفط الصخري في الولايات المتحدة لأول مرة منذ 2016 بعدما تم خفض الائتمان المتاح لأنشطة الحفر الصخري، وبالتالي فإن ذلك سيحد ذلك من مستوى الإمدادات الأمريكية في المستقبل.
وارتفعت أسعار النفط اليوم عقب تقارير إعلامية ذكرت أن الصين ما زالت مستعدة لإبرام اتفاق تجاري جزئي مع الولايات المتحدة، بينما تلقت الأسعار دعما من الاضطرابات في العراق والإكوادور عضوي "أوبك".
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 65 سنتا، إلى 58.89 دولار للبرميل، وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 56 سنتا إلى 53.19 دولار للبرميل، وزاد الخامان أكثر من 1 في المائة.
ومن المقرر أن يلتقي مفاوضون من أكبر اقتصادين في العالم في واشنطن اليوم وغدا في أحدث مسعى للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى إنهاء نزاع تجاري طال أمده، وتسبب في إبطاء النمو الاقتصادي العالمي.
لكن التوترات بين البلدين زادت هذا الأسبوع بعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودا على إصدار تأشيرات السفر لمسؤولين صينيين وإدراج عدد من الشركات الصينية الكبرى على قائمة سوداء.
ونقلت "بلومبيرج"، عن مسؤول على دراية مباشرة بمحادثات التجارة بين الصين والولايات المتحدة أن بكين ما زالت مستعدة لإبرام اتفاق تجارة جزئي.
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز نقلا عن مصدر لم تسمه أن الصين تعرض زيادة المشتريات السنوية من المنتجات الزراعية الأمريكية ضمن مساع لإبرام اتفاق تجارة مؤقت مع واشنطن.
في الوقت نفسه، أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة ارتفعت بواقع 4.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) إلى 422 مليونا، وكان محللون قد توقعوا زيادة 1.4 مليون برميل.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة سجل أول انخفاض عقب عدة ارتفاعات سابقة وأن السلة خسرت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 59.65 دولار للبرميل.
وتتلقى الأسعار ضغوطا من ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية ومن عودة الإمدادات السعودية إلى مستوياتها الطبيعية عقب هجوم منتصف الشهر الماضي، فيما يواصل المنتجون في تحالف "أوبك +" جهودهم لتقييد المعروض في محاولة لاستعادة التوازن السوقي، ودعم الأسعار للبقاء عند مستويات ملائمة للمنتجين والمستهلكين على السواء.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون إن إعلان "أرامكو" استقرار مستوى الإنتاج السعودي عند 9.9 مليون برميل يوميا في الشهر الحالي دلالة قوية على نجاح خطة التعافي السريع للإمدادات، التي حدثت عقب هجمات 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، لافتين إلى أن مستويات الإنتاج السعودي مطمئنة وتتلاءم مع الالتزامات السعودية في اتفاق خفض الإنتاج العالمي.
فى هذا الإطار، تعتقد أكسوي ساهي المحللة الصينية، أن كثيرا من التوقعات تذهب إلى حدوث وفرة المعروض العام المقبل، ولكنها إن حدثت لن تستمر طويلا، خاصة إذا أدركنا حجم الضغوط والتحديات التي يواجهها منتجون من أقدم وأهم المنتجين مثل فنزويلا، التي تراجع إنتاجها إلى 600 ألف برميل يوميا في الشهر الماضي مقابل 700 ألف برميل يوميا في الشهر السابق إضافة إلى ضعف الهياكل الأساسية والاستثمارات بشكل عام في البلاد.
وأشارت لـ"الاقتصادية"، إلى التضييق المستحدث على تمويل مشروعات النفط الصخري في الولايات المتحدة لأول مرة منذ 2016 بعدما تم خفض الائتمان المتاح لأنشطة الحفر الصخري، وبالتالي سيحد ذلك من مستوى الإمدادات الأمريكية في المستقبل، حيث يتوقع المسؤولون التنفيذيون في قطاعي النفط والمالية فرض شروط ائتمانية أكثر تشددا في الفترة المقبلة بسبب توقعات تخمة المعروض وتراجع الأسعار في مقابل ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وأوضح لـ"الاقتصادية"، سيفين شيميل، مدير شركة" في جي إندستري" الألمانية، أن سوق النفط تواجه ضغوطا بفعل التأثير السلبي لحروب التجارة على الأسعار، كما أن عودة الإنتاج السعودي إلى مستوياته الطبيعية ضاعف من الضغوط الهبوطية على الأسعار، مشيرا إلى أن الأنظار تتجه حاليا إلى مستويات الطلب بعد أن خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العام المقبل.
وأضاف شيميل أن موجة تراجع الأسعار قد تستمر بعض الوقت إلى حين إعطاء دفعة جديدة من التفاؤل لتوقعات استقرار السوق النفطية، مشيرا إلى أن وكالة الطاقة الدولية، خفضت على نحو مؤثر توقعاتها للأسعار، التي رجحت أن تكون حول 57 دولارا للبرميل بحلول الربع الثاني من عام 2020، وعزت ذلك إلى توقعات بارتفاع المخزونات العالمية خلال النصف الأول من 2020.
من جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، بيل فارين برايس، مدير شركة "بتروليوم بوليسي إنتلجنس" الدولية، إن العوامل الجيوسياسية تلقى بثقلها الواسع على السوق النفطية في المرحلة الراهنة، حيث ارتفعت مخاطر تعطل الإمدادات إلا أن هذه المخاطر لم يكن لها تأثير واسع على الأسعار بسبب توقعات زيادة الإنتاج لدى عديد من الدول المنتجة في الأمدين القصير والمتوسط.
ويتوقع برايس أن يواصل منتجو "أوبك" وحلفاؤهم تقييد المعروض لعلاج الخلل بين العرض والطلب في العام المقبل، مشيرا إلى أنه بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإنه من المتوقع أن يكون إنتاج "أوبك" لكامل عام 2020 أقل من 2019 عند 29.6 مليون برميل يوميا، في المقابل، من المتوقع أن يبلغ متوسط الإنتاج الأمريكي نحو 12.3 مليون برميل يوميا في 2019، على أن يرتفع الإنتاج في عام 2020 إلى 13.2 مليون برميل يوميا، ما يؤكد حالة القلق من وفرة المعروض في الأسواق خلال العام المقبل، وهو ما قد يتطلب بدوره مزيدا من قيود الإنتاج من قبل دول "أوبك" وحلفائهم لبقاء الأسواق في حالة توازن ومنع تدهور الأسعار.
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير، مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، إنه بالرغم من جهود تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والحديث عن تباطؤ الاقتصاد العالمي وذورة الطلب النفطي، إلا أن تقديرات عديدة أخرى تشير إلى استمرار ارتفاع الطلب على النفط، متوقعين ألا يكون انتشار السيارة الكهربائية واسعا للدرجة، التي تجعلها تحل محل السيارة التقليدية.
واعتبر جوتير أن عودة الإنتاج السعودي إلى 9.9 مليون برميل يوميا مستوى طبيعي ومطمئن على استقرار الإمدادات ويحول بالفعل دون استمرار شطط الأسعار، الذي وقع عقب هجمات 14 أيلول (سبتمبر) الإرهابية مباشرة، لافتا إلى أن الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة والصين لاحتواء النزاعات التجارية وتقديم دعم قوي للنمو الاقتصادي العالمي مع اقتراب بداية العام الجديد من خلال زيادة فاعلية المفاوضات التجارية الحالية وتسريع الخطى للوصول إلى اتفاق تجاري شامل، ووقف صراع فرض التعريفات الجمركية المتبادلة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط