Author

منصب «الطاقة الذرية» شهادة دولية للسعودية

|


فوز المملكة بعضوية مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يأتي في السياق الطبيعي لهذه الوكالة وللسعودية في آن معا. فالعلاقة بين الرياض والوكالة المذكورة عميقة جدا، وتستند في الواقع إلى أرضية واقعية وعملية، تقوم بدورها على أساس النهج الذي تتبعه المملكة في علاقاتها الدولية، وفي التزاماتها في كل المجالات، ولا سيما على صعيد الطاقة بشكل عام. وهذه الالتزامات أطلقتها القيادة السعودية على نفسها، في إطار استراتيجيتها العالمية. يضاف إلى ذلك، أن السعودية تتمتع بمكانة كبيرة عالميا، سواء من خلال سياساتها المسؤولة التي تأخذ في الحسبان المصلحة المحلية والدولية، أو عبر وجودها في مواقع محورية تسهم مباشرة في صنع القرار العالمي، كعضويتها "مثلا" في مجموعة العشرين، التي اتخذت زمام المبادرة في أعقاب انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008.
وأهمية عضوية المملكة في "مجلس المحافظين" المشار إليه، تكمن أيضا في التوقيت؛ فالعالم يشهد منذ سنوات تطورات مثيرة ومهمة على صعيد الطاقة النووية، فضلا على المشكلات التي تركها الاتفاق النووي بين النظام الإرهابي في إيران والقوى العالمية الكبرى، في حين هناك تحركات دولية فاعلة لتكريس الثوابت والأساسيات الخاصة بهذا النوع من الطاقة.
فالقدرة الذرية يجب ألا تكون في أيدي أنظمة مارقة مثل النظام الإيراني، الذي لن يتردد لحظة في تحويلها إلى آليات عسكرية لاستخدامها في أول مناسبة، والخوف الأمريكي "كما هو معروف" من استمرار فاعلية الاتفاق النووي يستند إلى هذه الحقيقة، في ظل وجود نظام إرهابي تخريبي طائفي يحكم إيران منذ أكثر من أربعة عقود، كل هذه الأمور وغيرها موجودة حاليا على الساحة الدولية، ما يعكس أهمية العضوية السعودية المذكورة.
والعالم يشهد الخطوات التي تقوم بها المملكة على صعيد استراتيجية الطاقة بشكل عام، وهي مرتبطة بصورة مباشرة بـ"رؤية المملكة 2030" التي تمضي قدما في تشكيل اقتصاد وطني سعودي جديد بأعلى المعايير من الجودة، فالسعودية تولي الطاقة الذرية اهتماما خاصا، ضمن سياق استراتيجية معلنة واضحة، وهي الوصول إلى مزيج طاقة وطني ومتنوع ومتوازن على المديين المتوسط والبعيد. وهي "بالطبع" تتعاون في هذا المجال مع الجهات المختصة عالميا، التي تثمن بدورها "الرؤية السعودية" في هذا المجال، وتطرح في الوقت نفسه السياسات الكاذبة للنظام الإيراني على الصعيد النووي. فهناك فرق بين باحث عن طاقة نووية سلمية، وآخر يسعى بكل ما يستطيع إلى امتلاك النووي المدمر للمنطقة والعالم، مع وجود تصميم على استخدامه بالفعل.
فالسعودية تبحث دائما عن توفير النفط لدول العالم كافة وتعمل دائما على تغذية الأسواق بالكميات المطلوبة، وهدفها أولا وأخيرا طمأنة العالم بوجود الطاقة والمحافظة على انسياب الإنتاج بشكل طبيعي والإسهام في توازن مستوى السوق بالتعاون مع الدول المنتجة للنفط كافة تحت منظمة أوبك وأيضا الدول المستقلة خارج المنظمة مثل روسيا وغيرها، وهذا الوضع يعطيها حق الاحترام والتقدير واستحقاق عضويتها في منظمة مثل الوكالة الدولية للطاقة.
"مجلس المحافظين" محوري، وعضويته تعزز الحضور السعودي عالميا. فهو مسؤول عن دراسة البيانات المالية للوكالة وميزانيتها، كما أنه يقدم توصيات للمؤتمر العام، ويوافق على اتفاقات الضمانات ونشر معايير الأمان الصادرة عن الوكالة. أي أنه حجر الأساس في رسم سياسات الطاقة العالمية على الصعيد النووي. دون أن ننسى بالطبع دوره الأهم في طلبات العضوية للوكالة الدولية. وجود المملكة في المجلس المذكور يوفر إضافة للوكالة ككل، التي تتعامل مع السعودية بصفتها دولة محورية إقليميا وعالميا، وتحترم السياسات المسؤولة التي تتبعها، وتقدر دورها على صعيد الطاقة بكل أنواعها. فهي الضامن الأكبر لاستمرار إمدادات الطاقة النفطية عالميا، بصرف النظر عن أي ظروف سلبية قد تمر بها هذه السلعة.

إنشرها