سيكون من الصعب على عديد من البلدان إيجاد مزيد من الإيرادات المحلية. فلا يزال تحصيل الضرائب منخفضا على الرغم من الجهد الكبير المبذول والإصلاحات الأخيرة في البلدان غير الغنية بالموارد الطبيعية. وراوحت نسبة الإيرادات الضريبية للحكومة العامة إلى إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 بين 2.8 في المائة في جمهورية الكونغو الديمقراطية و25 في المائة في جنوب إفريقيا "وهي من أعلى النسب من بين الاقتصادات النامية".
وينبغي أن تكون أولويات صناع السياسات الأفارقة والمجتمع الدولي مساعدة البلدان الإفريقية على تعبئة مزيد من الأموال محليا لمختلف الأغراض، بما في ذلك البنية التحتية. وفي عام 2015، التزمت الجهات المانحة العالمية بمساعدة البلدان الإفريقية على تحسين تحصيل الضرائب. وفي عام 2011، وهي آخر سنة متاحة بشأنها أرقام، تم توجيه أقل من 1 في المائة من المساعدة الإنمائية الرسمية إلى تعبئة الإيرادات المحلية.
ثانيا، ينبغي توسيع نطاق مصادر الإيرادات المحلية. فمن عام 2006 إلى عام 2014، أصدر 13 بلدا سندات سيادية دولية مجموع قيمتها 15 مليار دولار بهدف استخدام العائد في معظم الأحيان لتمويل البنية التحتية. ولكن إحدى الوسائل الحذرة والأكثر قابلية على الاستمرار لتمويل البنية التحتية تتمثل في زيادة مشاركة المستثمرين من المؤسسات المحلية، مثل صناديق المعاشات التقاعدية.
وتمتلك صناديق المعاشات التقاعدية الإفريقية نحو 380 مليار دولار في شكل أصول مدارة، 85 في المائة منها في جنوب إفريقيا. وتستثمر هذه الصناديق في مجال البنية التحتية في بلدان مثل كابو فيردي وكينيا وجنوب إفريقيا وسوازيلاند وتنزانيا وأوغندا. وينبغي أن ينظر أمناء ومديرو صناديق المعاشات التقاعدية فيما إذا كانت الاستثمارات المعدلة حسب المخاطر يمكن أن تتم في سياق واجباتها الائتمانية تجاه المستفيدين. كما يجب أن تحسن البلدان الحوكمة، والقواعد التنظيمية، وتطور أدوات الأسواق المالية والرأسمالية المحلية من أجل الاستثمار في البنية التحتية، وأن تسعى إلى جذب المستثمرين من المؤسسات الأجنبية أيضا.
ثالثا، يجب إنفاق الأموال بكفاءة. فمعظم الحوار حول احتياجات البنية التحتية في إفريقيا جنوب الصحراء يركز على مسائل التمويل. ولكن هناك أدلة تشير إلى أن الكفاءة، وليس التمويل، هي العقبة التي كثيرا ما تعترض الاستثمار. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي في 2015 إلى أن نحو 40 في المائة من القيمة المحتملة للاستثمار العام في البلدان منخفضة الدخل يفقد نتيجة عدم الكفاءة في عملية الاستثمار بسبب التأخيرات الزمنية، وتجاوز التكاليف، والصيانة غير الكافية. وكثيرا ما تكون أوجه عدم الكفاءة هذه نتيجة عدم تدريب المسؤولين، وعدم كفاية عمليات تقييم الاحتياجات وتحضير العطاءات وتقييمها والفساد. ويمكن أن يؤدي خفض عدم الكفاءة إلى زيادة كبيرة في المكاسب الاقتصادية التي يحققها الاستثمار العام.
وقدرت دراسة أجراها البنك الدولي في عام 2009 أنه إذا تمت معالجة أوجه عدم الكفاءة من خلال تدابير مثل إعادة تأهيل البنية التحتية القائمة، وتوجيه الدعم إلى المستحقين بشكل أفضل، وتحسين تنفيذ الميزانية، وبعبارة أخرى تحقيق كفاءة أكبر في استخدام البنية التحتية القائمة، يمكن للاحتياجات التمويلية البالغة 93 مليار دولار أن تنخفض بمقدار 17 مليار دولار. وهذا يعني أنه ينبغي توسيع نطاق محور الاهتمام بشأن البنية التحتية فيما يتجاوز مسائل التمويل ليشمل الجهود الرامية إلى تحسين الكفاءة. وهي مهمة معقدة تتطلب أن تركز الحكومات الإفريقية والمجتمع الدولي على قطاعات فردية وكيف تعمل في بلدان معينة، وتتطلب أيضا قدرات قوية في مجال الرقابة.
