Author

السعودية .. وخطط مشاريع الطاقة المتجددة

|


من الواضح جدا أن هذا القرن لن ينتهي كما بدأ به في مجالات استخدام الطاقة المتجددة، خاصة تقنيات الطاقة الشمسية المركزة، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وكذلك طاقتا الرياح البرية والبحرية. لقد أكدت تقارير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا"، أن الاتجاهات العامة لتكلفة الطاقة المتجددة تتجه نحو الانخفاض، رغم أنه لا يزال من المبكر الوصول إلى مثل هذه التخفيضات، وقد جاءت التخفيضات في مجالات الطاقة الشمسية المركزة CSP، وهي أنظمة مرايا تعكس وتركز ضوء الشمس على نقطة واحدة؛ حيث يتم تجميعها وتحويلها إلى حرارة، يمكن استخدام هذه الطاقة الحرارية لإنتاج الكهرباء.
وقد أشارت التقارير إلى أن التنافسية المتزايدة جعلت التكاليف أكثر شفافية، في حين جلبت هذه المنافسة العالمية خبرات كبيرة إلى مطوري المشاريع، مع تنامي القوة الشرائية، والقدرة على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، وهذا كله أدى إلى مزيد من خفض تكاليف المخاطرة، وتشير تقارير الوكالة الدولية إلى أن تركيز الطاقة الشمسية CSP والرياح البحرية سيوفر الكهرباء بين 0.06 دولار و0.10 دولار/ كيلوواط في الساعة بحلول عام 2020. لهذا فإن الاتجاهات تشير إلى حدوث ثورة في مجال الطاقة المتجددة بأنواعها كافة.
من الجيد جدا أن هذه الاتجاهات العالمية في الطاقة المتجددة تؤكد حسن التخطيط في السعودية، الذي تمثل في "رؤيتها 2030"، وبرنامج التحول الوطني 2020، فقد أكدت الـ"رؤية" منذ عام 2016 ضرورة بناء قطاع طاقة متجددة مستدامة، يشمل الصناعات، والخدمات، وتوطين التقنيات، وتأهيل الكوادر البشرية. ولقد جاءت مشاركة وزير الطاقة السعودي في لقاءات الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي قبل عدة أيام لتؤكد عزم المملكة على المضي قدما في هذا المسار، فالمملكة في حاجة اليوم إلى إيجاد مزيج متوازن من الطاقة الأحفورية والطاقة البديلة؛ لتحقيق النمو والازدهار وتعزيز أمن الطاقة. وقد تم تحديد الأهداف في مجال الطاقة المتجددة بسعة 9.5 جيجا واط كمرحلة أولى بحلول عام 2023، تشمل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجيوحرارية، وتحويل النفايات إلى طاقة.
لا شك أن المملكة تعد من أكثر دول العالم حاجة إلى إنتاج مزيج من الطاقة يحقق لها التوازن المطلوب في إنتاج وبيع النفط، وتقليص الاستهلاك المحلي منه، وأيضا توفير طاقة كافية لتحقيق مستهدفات الاقتصاد السعودي، خاصة أن معظم المناطق الصناعية في المملكة والسكان يعيشون في مناطق تتصف بمناخ مداري شديد الحرارة في الصيف، وهذا يستنزف كثيرا من الموارد والطاقة لتوفير بيئة مناسبة. ورفع أسعار الطاقة لن يكون حلا مناسبا بقدر ما سيكون دافعا لتوفير مصادر مستدامة للطاقة، خاصة أن الاتجاهات العالمية تشير إلى انخفاض التكاليف، وزيادة التنافسية في هذه المجالات، أضف إلى ذلك أن "رؤية المملكة" تستهدف زيادة المحتوى المحلي في سلاسل القيمة الصناعية والخدمية، وتوطين الدراية الفنية فيها، واستثمارها تجاريا، وتأهيل رأس المال البشري اللازم.
وهنا لا بد من الوقوف عند ما أشار إليه وزير الطاقة من أنه جرى إطلاق البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، الذي سيسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للمملكة، وإشراك القطاع الخاص، وكذلك جذب الاستثمار الأجنبي وفقا لـ"رؤية 2030"، التي من أهدافها تنمية قطاع الطاقة المتجددة عبر مراحل محددة المعالم؛ لتمكين المملكة من الميزات التنافسية المترتبة على الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، ولزيادة إسهام هذا القطاع في تنويع مصادر الطاقة، كما التزمت المملكة بإيجاد سوق تنافسية محلية للطاقة المتجددة، ووضعت لها منهجية واضحة تضمن تنافسية الطاقة المتجددة، وتوفير التمويل اللازم، من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، والعمل على توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة.

إنشرها