«تيماء» .. مملكة آثار يعود تاريخها إلى أكثر من 85 ألف عام
تطفو محافظة تيماء التي تقع في شمال غرب المملكة، على كنوز تاريخية وأثرية ضاربة في القدم لتصبح معها مهدا للحضارات الإنسانية المتعاقبة على شبه الجزيرة العربية، وكنزا من كنوز آثار المملكة التي حظيت بأصداء واسعة على المستوى العالمي، بوصفها مملكة لآثار يعود تاريخها إلى أكثر من 85 ألف عام، في حين وجدت حاليا اهتماما كبيرا من الدولة في إطار رؤية المملكة 2030، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة.
وتتبع محافظة تيماء إداريا منطقة تبوك، مبتعدة عن مدينة تبوك مسافة 265 كيلو مترا باتجاه الجنوب الشرقي، بينما تقع بين خطي عرض "27 و38" درجة باتجاه الشمال، وخطي طول "38 و32" درجة باتجاه الشرق، وتحتفظ بالكثير من المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية والنقوش الحجرية الضاربة جذورها في أعماق تاريخ الجزيرة العربية والحضارات التي تعاقبت عليها.
وعدت تيماء على مر العصور مركزا تجاريا واقتصاديا ونقطة التقاء للطرق التجارية القديمة فيها، وتتمتع بوفرة ونقاء المياه وخصوبة التربة واعتدال المناخ ما جعل الحضارات القديمة تتعاقب عليها بدءا من العصور الحجرية الحديثة "الألف العاشر وحتى نهاية الألف الرابع ق.م"، مرورا بالعصر البرونزي "الألف الثالث ق.م" ثم العصر الحديدي "الألف الثاني ق. م "، وهو العصر الذي فيه ازدهرت تيماء حتى أصبحت واحدة من أهم المدن في شمال الجزيرة العربية.
وورد اسم تيماء في الكتابات المسمارية الآشورية، والمسمارية البابلية، والآرامية، والنبطية، وكانت محورا مهما في العهد البابلي، وولى الرسول - صلى الله عليه وسلم- الصحابي يزيد بن أبي سفيان عليها، وكانت موردا مهما ومنطلقا للفتوحات الإسلامي، ومرت تيماء خلال العصر الإسلامي بأحداث عدة. وكانت تظهر تارة وتخبو تارة حتى عهد الدولة السعودية حيث بدأت تيماء بالنمو، وشهدت ازدهارا متواليا في مختلف الصعد وأكسبها تراثها الثقافي والتاريخي شهرة واسعة.
وتتميز تيماء بوجود معالم وشواهد تاريخية مثل : "السور الخارجي" الذي يعد من أطول الأسوار التاريخية في الجزيرة العربية وأكثرها تحصينا إذ يبلغ طوله أكثر من 10 كيلو مترات وارتفاعه في بعض الأجزاء المتبقية حاليا اكثر من 10 أمتار وعرض جداره ما بين المتر والمترين، وشيد السور في بعض أجزائه بالحجارة، وفي أجزاء أخرى من اللبن والطين وتعود فترة بناء السور إلى القرن السادس ق.م وكذلك قصر الحمراء وهو مبنى ذو ثلاثة أقسام، الأول معبد والآخران للسكن، أحدهما شيد ضمن فترة المعبد ثم أضيف الجزء الجنوبي من القصر خلال فترة لاحقة تم الكشف عنه عام 1979م ومن أهم بقاياه مسلة تحمل نصا آراميا وحجرا مكعبا يحوي مشاهد ورموزا مختلفة، ويعود تاريخ القصر إلى القرن السادس ق.م .
ومن أهم آثار تيماء أيضا "قصر الرضم"، وهو عبارة عن حصن مربع وسطه بئر مشيد من الحجارة المصقولة وله دعامات في زواياه ووسط أضلاعه من الخارج ويصل عرض جداره إلى المترين ويعود تاريخ القصر إلى منتصف الألف الأول ق.م.