FINANCIAL TIMES

الهندسة المالية تعيد مايكل ديل إلى واجهة المشهد التكنولوجي

الهندسة المالية تعيد مايكل ديل إلى واجهة المشهد التكنولوجي

جاءت أول ثروة لمايكل ديل من بيع أجهزة الكمبيوتر الشخصي المصنوعة حسب الطلب. لكن نوع الهندسة التي هي على وشك أن تعيده إلى مكانته في قمة عالم التكنولوجيا أقرب إلى كونها هندسة من النوع المالي.
أعلن ديل عن خططه يوم الإثنين بشأن العودة إلى "وول ستريت" بعد خمس سنوات على مغادرتها بطريقة اتسمت بالحدة وأظهرت غياب المودة بين الطرفين. اشتكى رائد الكمبيوتر الشخصي من أن سمة الأجل القصير في البورصة لم تترك مجالا لاتخاذ نظرة طويلة الأمد من حيث تصويب الأوضاع في شركته، في حين ادعى مستثمرون متمردون بقيادة كارل آيكان أنه يعيد شراء أسهم شركته بثمن بخس.
منذ أن تحولت الشركة إلى شركة خاصة – ومن ثم إضافة شركة إي إم سي المختصة في أجهزة تخزين البيانات، من خلال عملية شراء ضخمة أخرى – كان ديل في طليعة الجهود الرامية إلى تصويب الأوضاع في الأجزاء الأقدم من سوق تكنولوجيا المعلومات، ولا سيما في مجال الأجهزة والمعدات.
وقد أصبحت شركته "آلة تنفيذ"، بحسب كريج لوري، المحلل لدى "جارتنر" – رغم وجود بعض المطبات التي صادفته على الطريق، مثل التراجع في "إي إم سي" (شركة تخزين البيانات الأمريكية) جزئيا بسبب ما أسماه المحلل "التشتيت" جراء عملية الاستحواذ.
مع ذلك، كثير من القيمة التي حصل عليها ديل بسبب عمليات الشراء التي نفذها لم تكن لها صلة تذكر بأجهزة الكمبيوتر الشخصي، والخوادم، وأجهزة تخزين البيانات التي تشكل معظم مبيعات شركة ديل للتكنولوجيات، الاسم الذي أطلقه على مجموعة التكنولوجيا الخاصة به. الأجزاء الأقدم المذكورة من سوق التكنولوجيا بالكاد تحقق النمو، وقال لوري إن ديل أخفق في الإتيان باستراتيجية مقنعة للتعامل مع سوق الحوسبة السحابية، حيث يكمن الجزء الأكبر من مستقبل هذه الصناعة.
بدلا من ذلك، استفاد ديل من الذكاء في إبرام الصفقات والهندسة المالية. استنادا إلى أرقام كشف عنها يوم الإثنين الماضي، استطاع تحويل حصة نسبتها 14 في المائة في شركته القديمة للكمبيوتر الشخصي، تصل قيمتها إلى 3.5 مليار دولار، إلى حصة نسبتها 72 في المائة بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار في مجموعة تكنولوجية أوسع.
وخلال هذه العملية، كان مدعوما من قبل "سيلفر ليك بارتنرز"، شركة الأسهم الخاصة في وادي السيليكون التي أسهمت بمبلغ 1.8 مليار دولار، وفقا لشخص مطلع على صفقات ديل. وتبلغ حصتها الآن نحو 11 مليار دولار. استنادا إلى تقديرات شركة ديل نفسها حول قيمتها، وبشمول جميع ديونها، حصلت الشركة على رسملة سوقية (إضافة إلى الديون) بحدود 120 مليار دولار قبل الأخبار التي أعلن عنها يوم الإثنين.
لكن يمكن أن تُعزى معظم الزيادة إلى حصول ارتفاع في أسهم "في إم وير"، شركة برمجيات تعمل مركزا للبيانات وتدار بشكل مستقل، كانت تعود غالبية ملكيتها إلى شركة إي إم سي وتخضع الآن لسيطرة شركة ديل. وحصة ديل في "في إم وير" ارتفعت بحدود 26 مليار دولار خلال أقل من عامين. الصفقة الأخيرة مصممة لإخراجه من المأزق الذي نشأ بفعل صفقاته السابقة.
في عام 2016، وبهدف الحصول على السيطرة الكاملة على شركة إي إم سي دون الاضطرار لبيع أي من حصتها في "في إم وير"، جاءت ديل بحركة بارعة: كمدفوعات جزئية، أصدرت أسهما مستهدفة كانت مرتبطة نظريا بأداء حصتها في "في إم وير" - رغم أن مالكي الأسهم الجديدة لا يتمتعون بأي حق على أصول شركة ديل أو أرباح "في إم وير". لكن هذا لم يمنع ديل من الإشارة إلى أن الأسهم المستهدفة من شأنها أن تحصل على القيمة نفسها مثل قيمة سهم "في إم وير" العادي الذي يجري تداوله بشكل منفصل، التي جاءت بحقوق كاملة.
ثم تبين أن هذا التقدير لقيمة الأسهم كان متفائلا بصورة جامحة. فقد انخفضت الأسهم المستهدفة، بحيث أصبح هناك فرق كبير بينها وبين أسهم "في إم وير" العادية، إذ كان السعر أقل بنسبة تزيد على 40 في المائة خلال معظم حياتها. لكن بالنسبة لديل، كانت تلك حالة نجاح أنجزت فيها المهمة: استنادا إلى القيمة المتواضعة للأسهم المستهدفة، بلغت تكلفة شراء إي إم سي (نقدا وبالأسهم) 58.5 مليار دولار فقط، وليس القيمة الرئيسية التي أعلن عنها وهي 67 مليار دولار.
الاستغناء عن الأسهم المستهدفة هو الآن خيار مطروح على رأس جدول أعمال شركة ديل، في الوقت الذي تتطلع فيه الشركة إلى إيجاد حل لمشكلة هيكل رأس المال المعقد، والعثور على سوق في وول ستريت للأسهم الخاصة بها، ومنح نفسها المرونة لإبرام مزيد من الصفقات.
الخطة التي كُشف النقاب عنها يوم الإثنين تمثلت في تسديد المدفوعات لأصحاب الأسهم المستهدفة، التي يتم تداولها تحت الرمز DVMT، من خلال منحهم سعرا يعوضهم عن جزء من فرق السعر البالغ 40 في المائة. قالت شركة ديل إنها ستدفع نقدا تكلفة الصفقة المذكورة التي تبلغ 21.7 مليار دولار (التي هي في حد ذاتها ممولة بتوزيعات أرباح خاصة مقدارها تسعة مليارات دولار من "في إم وير") والأسهم العادية الصادرة عن ديل، التي ستصبح فيما شركة مدرجة في البورصة.
لتسهيل مهمة التوصل إلى اتفاق، قالت لجنة مكونة من عضوين مستقلين في مجلس إدارة ديل، يمثلان مالكي الأسهم المستهدفة، إنها استمزجت آراء مالكي DVMT و"تفاوضت" مع ديل للتوصل إلى سعر عادل.
عرض يوم الإثنين المتمثل في 109 دولارات للسهم كان أعلى تقريبا 25 دولارا عن المستوى الذي وصلت إليه الأسهم المستهدفة في نهاية الأسبوع الماضي. لكنه لا يزال أقل 38 دولارا عن مستوى أسهم "في إم وير" العادية - وهذه فجوة اتسع نطاقها يوم الإثنين، بعد أن ارتفع سهم "في إم وير" 15 دولارا أخرى. أحد المستثمرين استنكر العرض، واصفا إياه بأنه مجرد "طلقة افتتاحية" في معركة من المقرر أن تستمر حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما يصوت حملة الأسهم المستهدفة على الصفقة.
وهذا يجعل مايكل ديل في وضع يواجه فيه شيئا مألوفا: نزاع آخر مع وول ستريت حول كيفية اقتسام الغنائم. الفرق في هذه المرة هو أن الجائزة سوف تكون حركة التفاف لإعادة شركته إلى سوق الأسهم، لا انتزاعها منها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES