Author

انهيار الأسواق الناشئة قد يقوض أسعار النفط

|
لقيت أسعار النفط دعما في الآونة الأخيرة من احتمال إعادة فرض عقوبات على إيران، بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي العالمي مع طهران. ويأتي ذلك رغم ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي، حيث أنتجت الولايات المتحدة 10.3 مليون برميل يوميا في شباط (فبراير)، وهو مستوى قياسي. لكن الأسعار هبطت مع دراسة "أوبك" وروسيا إمكانية زيادة الإنتاج، في أعقاب اللقاء الذي جرى بين وزيري الطاقة الروسي والسعودي في سان بطرسبرج لمراجعة بنود اتفاق إنتاج النفط العالمي المطبق منذ 17 شهرا، قبل اجتماع مهم لـ "أوبك" في فيينا هذا الشهر. وقالت مصادر صحافية إن الوزيرين ناقشا مع نظيرهما من الإمارات زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا. هذا التصريح قد يضع حدا لجميع التكهنات حول ما قد تفعله "أوبك" بعد ذلك، لكن الإنتاج العالي لا يعني بالضرورة أن ارتفاع أسعار النفط غير وارد على الإطلاق، في الواقع، لا تزال أسواق النفط تواجه كثيرا من عدم اليقين. يبدو أن ارتفاع إنتاج النفط من دول "أوبك" ومن المنتجين من خارج المنظمة سيؤدي إلى استبعاد سيناريو الأسعار المرتفعة، على الأقل في الوقت الراهن، لكن بعض المحللين يقولون إن الانهيار الكامل لإنتاج فنزويلا النفطي يمكن أن يدفع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل؛ حيث إذا تم الجمع بين خسائر الإنتاج من فنزويلا والانقطاعات من إيران ـــ التي قد تخرج نحو 1.6 مليون برميل في اليوم من الأسواق ـــ عندئذ يمكن أن تقفز أسعار برنت إلى 100 دولار للبرميل، وفقا لبنك ميريل لينش. مع ذلك، هناك ثلاثة عوامل محتملة يمكن أن تمنع الأسعار من الوصول إلى ثلاث مراتب عشرية، وبدلا من ذلك تضع حدا أقصى لأسعار النفط عند 80 إلى 90 دولارا للبرميل: زيادة الإنتاج من روسيا والسعودية، ومخزونات النفط الاستراتيجية في الولايات المتحدة. وهذا جانب واحد فقط من المشكلة، الذي يركز على الاضطرابات في جانب العرض فقط. الاحتمال الآخر هو سيناريو الطلب الذي حظي باهتمام أقل بكثير في الأشهر الأخيرة. في الوقت الذي تركز فيه أسواق النفط على ما إذا كانت دول «أوبك» وروسيا ستعوض الانقطاعات في فنزويلا وإيران، هناك تصدعات تتشكل في اقتصادات الأسواق الناشئة، التي قد تهدد بإخراج أسواق النفط عن مسارها، وتقوم بالمزيد لسحب أسعار النفط إلى أسفل أكثر من زيادة الإنتاج من دول "أوبك" وحلفائها. يرتكز هذا السيناريو على فكرة أن أسعار الفائدة المرتفعة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والدولار القوي سيكون له تأثير مضاعف في الأسواق الناشئة. إن ارتفاع أسعار صرف الدولار وارتفاع أسعار الفائدة يجعل الديون المقومة بالدولار أكثر إيلاما لمعظم الدول في العالم، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي، وزيادة الضغط على العملات المحلية. إن ضعف العملات يجعل الديون بالدولار أكثر إيلاما، ما يجد أرضية رخوة. في هذا الجانب، يقول الاقتصادي بول كروجمان إن التصدعات الحالية في الأسواق الناشئة تشبه إلى حد ما الفترة التي سبقت الأزمة المالية في آسيا عام 1998. الأدلة تتزايد يوما بعد يوم. فقد فقدت العملة التركية، الليرة، 20 في المائة من قيمتها خلال الشهرين الماضيين. وتبحث الأرجنتين عن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، حيث أدى انهيار البيزو إلى استنزاف الخزانة العامة. وبصورة عامة، أصبح المستثمرون أكثر قلقا في الدخول إلى الأسواق الناشئة. ووفقا لبعض المصادر المصرفية، فإن تدفقات رؤوس الأموال إلى صناديق الأسهم حول العالم تباطأت إلى ثمانية مليارات دولار فقط في نيسان (أبريل)، وهو أقل التدفقات منذ كانون الأول (ديسمبر) 2016. تتدفق رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، وبدلا من ذلك تتسارع إلى الولايات المتحدة، حيث يوجد اقتصاد أقوى وارتفاع أسعار الفائدة يجعل الولايات المتحدة أكثر جاذبية نسبيا. ربما يعد هذا خبرا سارا بالنسبة للولايات المتحدة، ولكنه يعد خبرا سيئة لكثير من البلدان النامية. بما أن حالة الاقتصاد الأمريكي تحيد عن بقية دول العالم، ارتفعت قيمة الدولار، حيث ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي WSJ Dollar Index الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من 16 عملة أخرى بنسبة 5.6 في المائة منذ شباط (فبراير). ومرة أخرى، يشكل الدولار الأقوى ردود فعل تتعرض فيها الأسواق الناشئة لمشكلات في سداد الدين المقوم بالدولار، كما أنها تجعل السلع الأساسية، بما فيها النفط، أغلى بكثير، حيث يتم تداولها بالدولار. في نهاية المطاف، وفي أسوأ الحالات، قد يؤدي ذلك إلى أزمة مالية أو أزمات. لا تستطيع الحكومات تلبية مدفوعات الديون، انهيار العملات، وتوقف النمو الاقتصادي. تصبح الديون غير قابلة للسداد أكثر إذا حدث انكماش في الأسواق الناشئة خلال العام المقبل أو نحو ذلك، في الوقت نفسه الذي تبدأ فيه منظمة أوبك وحلفاؤها من خارج المنظمة بالخروج، أو التخلص التدريجي من خفض الإنتاج. ومن الممكن أن يحدث تراجع في الطلب في الوقت نفسه، الذي تحدث فيه زيادة في إمدادات النفط، وهذا من دون شك سيؤدي إلى خفض الأسعار. في هذا الصدد، يقول بنك ميريل لينش إن سعر برنت قد ينخفض إلى ما دون 60 دولارا للبرميل بحلول العام المقبل إذا ما حدث هذا السيناريو. وقال البنك الاستثماري في تقرير له "إذا بدأت مؤشرات PMIs مديري المشتريات في التدهور خلال الأشهر المقبلة، وتشجع مضاربو شراء النفط على تصفية مراكزهم، فقد تنخفض أسعار النفط بسرعة إلى 60 دولارا للبرميل". مع كل ذلك، يقول المصرف أيضا إن هذا ليس السيناريو الأكثر احتمالا، بل هو حدث أكثر خطورة. هذا لا يعني أنه مستحيل.
إنشرها