تحديات التجارة الإلكترونية للمنتجات الفاخرة

أتاحت وسائل الإعلام الرقمية لمحبي العلامات التجارية الفاخرة التأثير في سمعة العلامات التجارية المفضلة لديهم، لكن كيف يمكن للشركات المتخصصة في المنتجات الفارهة ترجمة الإرث التاريخي لعلاماتها التجارية إلى محتوى رقمي يتردد صداه بين المستهلكين الذين يستخدمون الإنترنت بكثافة على مدار الساعة.
ويقول إيف كارسيل الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إل في إم إتش" : تمتلك دور الأزياء روحا خاصة بها، وهي بمنزلة الحمض النووي في عالم الموضة، وتنبثق تلك الروح من عراقتها وخبراتها في هذا المجال، وبالتالي عليك أن تشعر بها وتعيشها على مدار اليوم لكي تتمكن من ترجمة رسالتها، وأن تشعر بالحماس تجاهها؛ إذ لا يمكن النجاح في إدارة العلامات الفاخرة دون وجود شغف.
في العالم الرقمي، لا يزال على قادة العلامات التجارية أن يلعبوا دورا مهما في بناء حلم العلامة التجارية، ولكنهم ليسوا وحدهم كما أشرت في الجزء الأول من مقالاتي في هذا المجال، فالثورة الرقمية أحدثت نقلة نوعية في إعطاء المستهلكين والمعنيين بالصناعة المجال للتعبير عن آرائهم حول العلامات التجارية. ونتيجة لذلك، بات على العلامات التجارية تبني استراتيجية جديدة تسخر الإعلام الرقمي لتعزيز ثقة المستهلك، وعليها أيضا تطوير المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها بما يعزز التواصل مع المستهلكين.
من الصعب على من يتولون الحفاظ على عراقة وتاريخ وحرفية المنتجات الفارهة، أن يدركوا مدى الفائدة التي ستعود عليهم من استخدام الإعلام الرقمي. فقد أظهرت التجارب الحديثة قدرة الإعلام الرقمي على التوعية بالمنتج في أسواق جديدة وتحفيز المبيعات. وفي أغلب الأحيان، يتطلب تطوير المحتوى الرقمي المناسب للجمهور إلى مهارات تقنية في صناعة النشر، ما يتطلب الاستعانة بصحافيين متخصصين في هذا المجال.
وفي حين تتجه بعض قنوات البيع نحو الاعتماد على نموذج التجارة الإلكترونية المباشر لتحفيز الشراء، بادر البعض إلى اعتماد المحتوى كقناة لدعم المبيعات، فعلى سبيل المثال، اعتمد موقع " نت- أ- بورتر" على المحتوى التحريري من مقالات وتقارير عبر مجلة إلكترونية وقناة تلفزيونية "تليفزيون نت- أ- بورتر" كوسيلة لتحفيز المتسوقين على الشراء عبر الموقع، إضافة إلى هاشتاق "ثا نت ست" على موقع التواصل "إنستجرام" لتشجيع العملاء على مشاركة آخر مشترياتهم من الموقع الإلكتروني. وعادة ما تفوز العلامات الفاخرة بنصف المعركة إذا ما تمكنت من إلهام وتحفيز الرغبة الشرائية لدى المستهلك حتى قبل ذهابه إلى المتجر.
يعتبر الفضاء الرقمي مناسبا تماما للقيام بهذه المهمة إذا ما كانت عملية الشراء غير متاحة عبر الإنترنت، ما يدفع المشتري إلى التوجه للمتجر. وفي الوقت نفسه، يستطيع المحتوى الرقمي تحفيز عملية شراء المنتجات والخدمات من خلال تعريف المستهلك بالوجه الآخر للعلامة التجارية بشكل أكثر ديناميكية ودهاء. بصيغة أخرى، يعتبر المحتوى الرقمي كإضافة إلى طرق البيع وأسلوب التسويق التقليدي.
هناك عديد من الأدوات التي تساعد على بناء محتوى للتواصل. على سبيل المثال، تغيير كلمات بسيطة في عملية البحث عبر الشبكة مثل "الأكثر مبيعا" تتيح للمستهلكين معرفة ماذا يشتري الآخرون. موقع "مودكلوز دوت كوم" طور عملية التواصل مع المستهلكين الذين قاموا بعمليات شراء من خلال إعطائهم الفرصة بإبداء آرائهم في مدى مناسبة وجودة وقيمة المنتج على الصفحة المخصصة له. وبشكل مشابه، مواقع الوسطاء مثل "موقع فانسي دوت كوم"، الذي يتيح للمستهلكين عرض منتجاتهم وبيعها عبر الموقع. إفساح المجال للعملاء للمشاركة بآرائهم في العلامات التجارية يستفيد منه كلا الطرفين، حيث يحتفظ كل من المستهلك والعلامة التجارية بخصوصيته وشخصيته. وتعتبر هذه الأنواع من المنصات واجهة تجعل العلامات التجارية مبدعة وأكثر مرونة في البحث عن سبل جديدة للتفاعل مع المستهلكين.
كما يمكن للعلامات التجارية الاستفادة بشكل مباشر من المضمون الإلكتروني على الشبكة، حيث اعتمد عالم الرفاهية والأزياء منهج التسويق عبر الإنترنت "من المستهلك إلى المستهلك "، الذي بدأته مواقع التسوق الإلكترونية مثل "أي باي دوت كوم" و"أمازون دوت كوم". على سبيل المثال موقع "بوليفوردوت كوم" أعطى المستهلكين فرصة عرض منتجات من مواقع تسوق أخرى؛ ليتمكن زوار الموقع من شرائها. كما طور موقع "بوتين دوت كوم" هذا المنهج عن طريق إعطاء عمولة على المبيعات للمستهلكين الذين عرضوا منتجاتهم على الموقع. أما موقع "أدور دوت كوم" فقد حفز عملاءه عن طريق إعطائهم نقاطا تمنحهم حسما على المنتجات التي روجوها، وذلك بناء على مدى تفاعلهم على الموقع.
هذه النوعية من مواقع البيع الإلكترونية تمنح المستهلك فرصة المشاركة بمحتواها بطريقة تفاعلية. ومما لا شك فيه أن علامات تجارية مثل "نورستروم" و"شوب بوب دوت كوم" و"إنتروبولوجي" و"نيرمن ماركس" وحتى "بيربري" و"فندي" و"ديور" و"برادا" تقوم بعرض منتجاتها في موقع "أدور دوت كوم". على الماركات التجارية أن تسلم بأن هذه المواقع عامل جذب ولفت الانتباه لها في الفضاء الرقمي، وأن تتخذ القرار عن طبيعة دورها في جذب المستهلك إلى متاجرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي