الفرص تأتي بثياب رثة
قرر محمد فقيهي بعد أن تخرج في الثانوية العامة أن يدرس الحاسب الآلي أو الإنجليزي معتقدا أنهما سيتيحان له فرصة الحصول على وظيفة جيدة ومناسبة وفي وقت سريع بناء على ما سمعه. تلقى نبأ غير جيد يتمثل في عدم قبوله فيهما. لم يتبق أمامه سوى خيارين لمتابعة رحلته العلمية؛ إما دراسة تخصص الإعلام وإما دراسة التربية الخاصة. تخصص في الإعلام ليس رغبة فيه، لكن لأن تخصص التربية الخاصة اشترط اجتيازه اختبارا محددا. رأى محمد أن يصرف النظر عنه، فهو غير مستعد لتلقي صدمة جديدة. بدأ محمد دراسة الإعلام وهو في قرارة نفسه لا يرغب في إكماله، بل بعد فصل دراسي ينتقل إلى تخصص آخر حينما يحصل على معدل عال. بيد أن محمد سرعان ما اكتشف أن هذا التخصص الذي يدرسه مثير للاهتمام وممتع. استمر فيه حتى تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى فائزا بالمركز الأول على دفعته، ثم التحق بجامعة الملك سعود معيدا، وأكمل دراسة الماجستير في أمريكا بتفوق. وليس ذلك فحسب، كتب عدة أوراق بحثية علمية في تخصصه نالت التقدير والاهتمام. فقد وقع في غرام هذا التخصص وأبلى فيه بلاء حسنا.
تميز فقيهي في هذا التخصص بعد أن أتاح له فرصة ليتعرف عليه ويغوص في أعماقه. لم يستسلم للانطباعات المبكرة والصور الذهنية التي رسمها عنه في رأسه.
التجربة التي خاضها فقيهي مع الإعلام مفيدة لنا جميعا. تقول لنا: يجب ألا نتسرع في إصدار الأحكام تجاه الأشخاص والوظيفة والتخصص وكل شيء. أَعط كل شيء الفرصة التي يستحقها قبل أن تصدر حكمك. تحكم في أحكامك. كل شيء يستحق فرصة. لا تخدعك القشور وتحرمك من الحبور.
فوتنا فرصا كثيرة بسبب انطباعات عابرة لم نخضعها للاختبار.
يا صديقي، قبل أن تدير ظهرك لأي فرد أو فرصة، امنحه ما يستحق من وقت ثم اتخذ قرارك. كثير من الفرص تأتينا بثياب رثة، قبل أن تزيح الستار عن أناقتها الحقيقية حينما تكتشف مدى براعتنا في الصبر.