Author

إعادة الهيكلة لها جانب إداري وآخر مالي

|

ما زلنا في موضوع إعادة الهيكلة ففي مقال الأسبوع الماضي ركزت على تعريف كلمة "هيكلة"؟ وما الأعمال التي تتبعها المنظمات حتى تهيكل إداراتها وأعمالها؟ ثم تطرقت إلى مصطلح "إعادة الهيكلة"؟ وما الهدف منه؟ وما المدة التي تستغرقها المنظمات في إعادة هيكلتها؟
وقد خلصنا إلى أن إعادة الهيكلة تتم عندما ترى المنشأة ضرورة إعادة النظر في هياكلها التنظيمية، وأساليب العمل لديها، والإجراءات القائمة لتواكب أهدافها الجديدة التي تقتضيها المستجدات التي طرأت أثناء مسيرتها. والهدف الرئيس من إعادة الهيكلة زيادة الفعالية الإنتاجية للشركة فمن الممكن أن تكون الشركة صالحة من النواحي التكنولوجية والمالية والتنظيمية ولكنها تعاني خللا في الموارد البشرية نتيجة اختلالات هيكلة العمالة بها كما يرى ذلك خبراء التنظيم.
وإعادة الهيكلة لا تقتصر فقط على إعادة الهيكلة الإدارية بل تأخذ في الحسبان إعادة الهيكلة المالية، ورغم أن البعض يرى أن إعادة الهيكلة الإدارية بعيدة نسبيا عن إعادة الهيكلة المالية إلا أن آخرين يرون أن إعادة الهيكلة لها شقان إداري وآخر مالي ولا تتم إعادة الهيكلة دونهما ويرون أنهما متممان لبعضهما.
وبما أنني غطيت إعادة الهيكلة الإدارية في مقال الأسبوع الماضي فهنا أريد أن أناقش إعادة الهيكلة المالية بعرض آراء المختصين والخبراء حتى يتضح لنا أن هذا المصطلح ليس مقتصرا فقط على إعادة الهيكلة الإدارية كما يعتقده البعض. قسم خبراء المال والتنظيم أنواع إعادة الهيكلة المالية إلى عدة أقسام منها على سبيل المثال إعادة تقييم الأصول، وإعادة هيكلة الديون، وزيادة رأس المال وغيرها فكل هذه تعتبر أنواعا من إعادة الهيكلة. فلو أخذنا إعادة تقييم الأصول فهنا يتم تقييم جميع الأصول أو جزء منها بما يعكس قيمتها السوقية، حيث إن زيادة هذه القيمة عن القيمة الدفترية تؤدي إلى تحسين نسبة المديونية بالنسبة لحقوق الملكية، الأمر الذي يتيح للمنظمة مجالا أوسع للاقتراض. أما إعادة هيكلة الديون فتتم عن طريق تفاهم الشركة مع دائنيها في أحد أو بعض هذه الأمور التالية كما بينها أهل الاختصاص:
1. تحويل الديون القصيرة إلى ديون طويلة الأجل ما يتيح للمنظمة فترة أطول لاستثمار هذه الديون.
2. وقف سداد أقساط الدين مؤقتا أو إعطاء فترة سماح جديدة ويساعد ذلك في وقف جزء من التدفقات النقدية الخارجية مؤقتا لحين تحسن الأحوال.
3. تخفيض سعر الفائدة أو التنازل عن الفوائد المستحقة.
4. مبادلة المديونية بالملكية حيث يتم تحويل كل أو جزء من الديون الحالية إلى مساهمات في رأس مال الشركة عن طريق إصدار أسهم ملكية بما يعادل قيمة هذه الديون، وهذا يتوقف على مدى تفهم وتقبل الدائنين لهذا الاقتراح، وقبول الملاك القدامى دخول ملاك جدد يكون لهم تأثير مباشر في إدارة الشركة والتصويت والانتخاب.
وهناك نوع آخر من إعادة الهيكلة المالية يتمثل في زيادة رأس المال حيث تقوم الشركة بإصدار أسهم جديدة لتوفير بعض السيولة وعلى الأخص إذا كانت المنظمة أو هذه الشركة تستطيع تحقيق أرباح مستقبلا في ضوء توفير السيولة، وذلك عن طريق زيادة رأس مال الشركة بإصدارات سهمية جديدة، ولكن يواجه هذا البديل ببعض الانتقادات من قبل خبراء إعادة الهيكلة المالية منها أن هذا لا يناسب حالات الفشل المالي أو التعثر المؤقت وقد لا تجد الأسهم الجديدة إقبالا من المساهمين لخوفهم من حالة الشركة وظروفها المستقبلية كما أن حملة الأسهم الجدد يمثلون قيدا جديدا على الإدارة يقلل من قدرتها على التحرك بمرونة كافية للخروج بالشركة من ظروفها الحالية.
النوع الرابع من إعادة الهيكلة هو زيادة التدفقات النقدية الداخلة أو خفض التدفقات النقدية الخارجة. فيرى أهل الاختصاص أن زيادة التدفقات النقدية الداخلة يمكن تحقيقها من خلال عديد من السياسات التي تؤثر إيجابا في النقدية الداخلة، ومنها على سبيل المثال: زيادة المبيعات لزيادة إيرادات الشركة أو تغيير استراتيجيات التحصيل لديون الشركة ومنح بعض خصومات تعجيل الدفع، أو التخلص من المخزون الراكد كالبيع بالمزاد أو بالقسط أو مبادلته بآخر تحتاج إليه المنظمة، أو بيع الأصول قليلة أو منعدمة القيمة كالخردة والعادم والتالف والمعيب، أو بيع وإعادة استئجار بعض الأصول غير الأساسية.
أما إعادة الهيكلة بتخفيض التدفقات النقدية الخارجة فتستطيع المنظمة أن تخفض مدفوعاتها النقدية أو تؤجل بعضها للتغلب على بعض الصعوبات المالية. ومن الوسائل الممكن استخدامها في ذلك الاتفاق مع الدائنين على تأجيل سداد بعض الأقساط وفوائد الدين أو التفاوض مع الموردين للمواد الخام والأجزاء على الشراء بالتقسيط أو بالائتمان أو دون مقدم أو الحصول على فترات سماح جديدة من الدائنين أو ترشيد بنود الإنفاق المباشر وغير المباشر، وقد يكون ذلك عن طريق تأجيل سداد الالتزامات قصيرة الأجل أو تحويلها إلى التزامات طويلة الأجل ويمكن كذلك خفض كمية المشتريات عن طريق الشراء الفوري بدلا من الشراء المقدم أو محاولة البحث عن مواد بديلة أقل تكلفة من المواد الحالية.
هذه بعض أنواع إعادة الهيكلة المالية التي ذكرها خبراء التنظيم والمال قمت بعرضها استكمالا لموضوع الأسبوع الماضي.

إنشرها