اقتصاد الشرق الأوسط في حالة تغيير «2 من 3»
يدرك صناع السياسات في المنطقة، أن هناك حاجة إلى إيجاد مزيد من فرص العمل وتقوية النمو، ومن ثم أضافوا هذه الأهداف، إلى جانب تعزيز الطابع الاحتوائي للنمو، إلى خطط التنمية الوطنية. وإذا أحسنوا تنفيذ هذه الخطط، فستقطع شوطا طويلا نحو تحقيق هذه الأهداف. وسيكون من المهم بوجه خاص إدراك الحاجة إلى منح المرأة حقوقا مساوية للرجل، وزيادة مشاركتها في سوق العمل. وقد اتخذت خطوات في الاتجاه الصحيح أخيرا – بما فيها قرار المملكة العربية السعودية بالسماح للمرأة بقيادة السيارات – ولكن المزيد لا يزال مطلوبا في هذا الخصوص. وستكون سياسات التعليم وسوق العمل أمرا أساسيا أيضا؛ لأن الشباب دون سن الثلاثين يشكلون نحو 60 في المائة من مجموع السكان. ومع توفير الفرص والتعليم المناسبين، يمكن لشباب المنطقة أن يحدثوا نموا اقتصاديا غير مسبوق، وتحقيق مكاسب من هذه الميزة الديمغرافية على غرار ما فعلته النمور الآسيوية منذ بضعة عقود.
وتبذل الحكومات جهودا لتنشيط التجارة والاستثمار. وفي هذا السياق، تم تخفيض الحواجز التجارية في كثير من البلدان – من الأردن إلى المملكة العربية السعودية. وانضمت المغرب وتونس إلى "ميثاق مجموعة العشرين مع إفريقيا"، الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمارات الخاصة المنتظر أن تساعد على تحسين البنية التحتية. وقام الأردن والمغرب وتونس بجهود لتنويع قاعدة الصناعة التحويلية، ودعم الصادرات، وزيادة فرص العمل. فعلى سبيل المثال، تمكن المغرب من جذب شركات صناعة السيارات، بما فيها مجموعة بي إس أيه بيجو سيتروين ومجموعة رينو، عن طريق توفير البنية التحتية ذات الكفاءة وإمدادات الكهرباء الجيدة والعمالة الماهرة.
ونتيجة لذلك، يهدف قطاع السيارات المغربي إلى إيجاد 90 ألف فرصة عمل مع حلول عام 2020. ما مقدار النمو الذي يمكن أن يتحقق مع زيادة التجارة؟ تشير تقديرات الصندوق إلى أن المنطقة إذا تمكنت من مضاهاة أفضل تحسن حققته لمدة عام حتى الآن في مجال الانفتاح، فسيرتفع المعدل السنوي المتوسط للنمو الاقتصادي نقطة مئوية واحدة على مدار السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بتنبؤاتنا الأساسية التي تشير إلى نمو قدره 3.3 في المائة.
إيجاد فرص العمل
كذلك تضع الحكومات إيجاد فرص العمل في صدارة جدول أعمال السياسات. وتهدف خططها في هذا الخصوص إلى تنمية القطاع الخاص عن طريق توفير فرص عمل أفضل للشباب والنساء، وزيادة فرص الحصول على التمويل، كما تسعى إلى توفير خدمات عامة أفضل، وتحسين الشفافية والمساءلة، والمساهمة في زيادة حجم وكفاءة الإنفاق للأغراض الاجتماعية والاستثمارية. وقد تصدر كثير من هذه الموضوعات النقاش بالفعل في عام 2014، حين اجتمع قادة المنطقة في عمان لتحديد السياسات التي تعطي دفعة للوظائف والنمو والعدالة في العالم العربي، وهي لا تزال تحتل موقعا مركزيا في حوارنا اليوم على خلفية مطالبة المواطنين بتغيير أسرع وأعمق.
الحكومات تبذل جهودا لتنشيط التجارة والاستثمار
ولحسن الحظ، تساعد زيادة النمو العالمي والابتكارات التكنولوجية العالمية على إيجاد بيئة مواتية للإصلاحات. وسيستغرق الأمر وقتا حتى تتحقق النتائج، ولذلك ينبغي أن يسارع صناع السياسات بالتحرك العاجل وليس الآجل، واغتنام فرصة تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتشجيع النمو بما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
وينبغي أن تعمل الحكومات على وضع وتنفيذ جداول أعمال للنمو الاحتوائي، أي خطط عمل للمدى المتوسط توفر حلولا عملية للأولويات الملحة، وتساعد على استعادة ثقة المستثمرين والمواطنين. وهناك خمسة روافع سيكون دورها حيويا في هذا الخصوص: سياسة المالية العامة السليمة، والشمول المالي، وإصلاح سوق العمل والنظام التعليمي، وتحسين الحوكمة، وتعزيز مناخ الأعمال. وسيؤدي هذا المنهج أيضا إلى تمكين الحكومات من إعادة النظر في نماذج النمو التي تعتمد عليها، والانتقال بالتدريج إلى تنفيذ عقود اجتماعية أكثر عدالة، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي. والخطوة الأولى هي وجود رؤية تلهم المواطنين، على أن يعقبها تحديد الأهداف ووضع استراتيجية لتحقيقها.