FINANCIAL TIMES

«تينسنت» تتربع على قمة سوق الألعاب

«تينسنت» تتربع على قمة سوق الألعاب

في أيام الذروة، أكثر من 80 مليون شخص في الصين – عدد سكان ألمانيا تقريبا - يستخدمون هواتفهم الجوالة لممارسة لعبة "شرف الملوك" Honour of Kings، حيث تتقاتل شخصيات في مناظر طبيعية خيالية. واحد منهم هو محلل الأسهم، اليكس شي، الذي يقاتل زبائنه.
يقول شي "يحاول جانب البيع الكثير من الطرق لإرضاء العملاء في الوقت الحاضر. إذا كنت تلعب اللعبة بشكل جيد، وتساعد العملاء على الوصول إلى مستوى أعلى في اللعبة، فإن هذا أمر جيد لعلاقاتك وربما يكون مفيدا للصفقات".
الصين هي أكبر سوق لألعاب الفيديو في العالم، حيث يبلغ عدد اللاعبين 600 مليون لاعب يولدون عائدات سنوية تبلغ 26 مليار دولار، وفقا لشركة نيكو بارتنرز الاستشارية - أي أكثر من ثلاثة أضعاف عائدات شباك التذاكر في البلاد.
البطل بلا منازع في هذه السوق هو مجموعة الإنترنت "تينسنت"، وهي علامة تجارية أقل شهرة دوليا، لكن لها وجودا كبيرا في نفسية اللاعبين في الصين.
وفقا لشركة نيكو، تسيطر "تينسنت" على ما يزيد قليلا على نصف سوق ألعاب الفيديو في الصين. وساعد ذلك على جعلها شركة ألعاب الفيديو الأكثر ربحا في العالم، وثامن الشركات الأكثر قيمة عالميا من حيث الرسملة السوقية - بقيمة تزيد على قيمة "إكسون موبيل".
ولّدت "تينسنت" 28.4 مليار رنمينبي "4.3 مليار دولار" من الألعاب في الربع الثاني من هذا العام، حيث توسع نمو الدخل من الجوال 54 في المائة. وشكلت ألعاب الفيديو نصف إيراداتها في عام 2016.
"شرف الملوك"، اللعبة الأكثر ربحا في العالم التي تولد نحو ستة مليار رنمينبي في كل ربع، هي وقود الصواريخ الذي يدفع صعود "تينسنت".
الطبيعة الاجتماعية لألعاب المعارك تجعل المستخدمين ملتصقين بالمنصة. الأصدقاء عادة ما يتجمعون معا لتشكيل فرق. مصمم البرمجيات، ليو جوه "26 عاما" يقول "إن جلسات لعبة "شرف الملوك" المنتظمة مع الزملاء يمكن أن تساعد على التواصل في المكتب".
يمكن تنزيل اللعبة مجانا، لكن اللاعبين يدفعون مقابل الغطاء الخارجي الافتراضي لتجسيد شخصياتهم.
يقول يوان تسنج، وهو معلق في مجال الصناعة يعمل في شركة الألعاب GOG.com "في الأساس، هذه الألعاب تستغل الضعف البشري، خاصة الغرور"، مشيرا إلى الطريقة التي يتم بها تلقائيا مشاركة ما تحقق من "الدرجات" مع الأصدقاء على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية.
ويضيف "هذا النوع من الألعاب هو استثمار – يقضي اللاعب كثيرا من الوقت لرفع مستوى شخصيته ومهاراته - لذلك هو شيء لا يمكنك الإقلاع عنه. وإذا فعلت ذلك، فسيسحبك أصدقاؤك إليه مرة أخرى".
ويقول المحلل دانيال أحمد، من شركة نيكو "هناك عنصر اجتماعي ضخم بشأن اللعبة. في أي مكان تذهب إليه في الصين، أنت ذاهب للعب، لذلك سيكون هناك خوف من تفويت ذلك".
اللعبة شعبية جدا في الصين بحيث إن ذعرا أخلاقيا طفيفا اندلع خلال الصيف بشأن الإدمان على اللعبة.
وصفت وسائل الإعلام الحكومية اللعبة بأنها "سم" عندما عانى صبي يبلغ من العمر 17 عاما في قوانجتشو سكتة دماغية بعد أن لعب 40 ساعة دون توقف. وكسر صبي يبلغ من العمر 13 عاما في هانجتشو ساقيه بعد أن قفز من نافذة الطابق الثالث حين منعه والداه من اللعب، ما دفع الشركة إلى الحد من الوقت الذي يمكن للأطفال فيه ممارسة اللعبة.
وحققت "تينسنت" نجاحا باهرا، لكن أكبر ميزة لها هي ملكية أكبر شبكتين من الشبكات الاجتماعية في الصين، "وي تشات" وQQZone، اللتين تعادلان "واتساب" و"فيسبوك"، وهما تطبيقان محظوران في الصين ـ نحو 900 مليون شخص مسجلون على شبكتي "تينسنت".
يقول بيتر وارمان، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات "نيوزو جايمز"، "في الغرب، "فسيبوك" هي وسيلة للتواصل الاجتماعي وEA للألعاب، لكن في الصين يمكن أن تكون شركة واحدة".
ومن خلال الاستفادة من هذه الشبكات، تسيطر "تينسنت" على واحدة من أعلى اثنتين من منصات الدفع عبر الإنترنت في الصين، ولها أكبر حصة من توزيع التطبيقات على الجوال. وأنفقت الشركة 1.8 مليار دولار على المبيعات والتسويق على مدى الـ 12 شهرا الماضية".
يقول تشينيو كوي، المحلل في "آي إتش إس ماركيت"، "السبب الرئيسي لنجاح "تينسنت" هو قدرتها التسويقية والتوزيعية".
ومعظم الهواتف الصينية تستخدم نظام التشغيل أندرويد، لكن يتم حظر متجر جوجل بلاي في البلاد، و"تينسنت" تسيطر على أكبر متجر تطبيقات لـ "أندرويد". وتبدو المجموعة مهيمنة جدا ويجد المحللون صعوبة في رؤية ما يمكن أن يجعلها تفقد مكانتها. وفي الوقت الراهن أكبر تحد لها هو العثور على منتَج جديد لتغذية قاعدة المستخدمين الملتزمة للغاية.
تستند لعبة "شرف الملوك" إلى لعبة "ليج أوف لِجِنْدز" (عصبة الأساطير)، وهي لعبة كمبيوتر صنعت من قبل "ريوت"، وهي شركة تطوير أمريكية استحوذت عليها "تينسنت" في عام 2015. ودفعت الشركة الصينية في العام الماضي 8.6 مليار دولار للحصول على حصة الأغلبية في "سوبرسل" الفنلندية، صانعة "كلاش أوف كلانز" (صراع القبائل)، وهي أيضا لعبة كانت سابقا الأعلى دخلا على الإطلاق في العالم.
يقول بنجامين وو، المحلل لدى مجموعة الأبحاث "باسيفيك إبوك"، "لا يمكن لأعمال التطوير داخل "تينسنت" أن تلبي الطلب في السوق. فهي تحتاج إلى مزيد ومزيد من الألعاب من خارج الشركة ومن خارج الصين".
ويقول محللون "إن نجاح "تينسنت" جعل من الصعب للغاية بالنسبة إلى المطورين خارج المجموعة اقتحام السوق الصينية المربحة".
مكانة "تينسنت" بوصفها شركة تعمل في النشر والتوزيع تعني أنها يمكن أن تحصل على حصة من إيرادات الشركات المطورة الأخرى في مقابل ترويج ألعابها. ومنْح حصة أعلى من المبيعات لـ "تينسنت" يمكن أن يؤدي إلى "ترويج أكثر بروزا"، كما يقول تشينيو كوي، المحلل في "آي إتش إس ماركيت".
وهذا يجعل الحياة صعبة على الشركات الناشئة. يقول جوني تشو، المحلل لدى "آي دي جي"، "تينسنت" مهيمنة، لذلك يمكنها فرض رسوم عالية حقا لتوزيع ألعاب الشركات الأخرى". ويضيف "أحيانا لا يمكن للألعاب أن تجني ما يكفي من الإيرادات لدفع الرسوم. الأمر ليس جيدا بالنسبة إلى الشركات الصغيرة".
يشتكي موظف في شركة ألعاب في الخارج، طلب عدم الكشف عن هويته، من أن "حجم "تينسنت" يصبح كبيرا فوق الحد، وهذا أمر مرعب، إنها مثل وحش عملاق".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES