مستقبل قطاع النقل في القرن الـ 21 «2 من 2»

ثانيا، يجب إيضاح الأهداف التي يقوم عليها التنقل المستدام. وفي هذا السياق، لا يوفر إطار أهداف التنمية المستدامة مسارا محددا بوضوح للتنقل، ولكنه يتضمن عناصر يمكن البناء عليها. فعلى سبيل المثال، تجسد أهداف التنمية المستدامة مفاهيم "النفاذ الشامل"، والسلامة على الطرق، وكفاءة الطاقة، والوفيات الناجمة عن تلوث الهواء. وفي هذا الشأن، من الممكن تحديد رؤية للتنقل المستدام، حول أربعة أهداف عالمية: (1) الشمول للكل؛ (2) الأمن والسلامة؛ (3) الكفاءة؛ و(4) الحد من التلوث وتعزيز التعامل مع التغير في المناخ. وفي إطار هذه الرؤية، سيشمل التنقل المستدام توفير بنية تحتية وخدمات أفضل لدعم حركة الأفراد والبضائع. وسنصل لهذه النتيجة عندما تتحقق الأهداف الأربعة في وقت واحد، ويجري التفاضل فيما بينها.
وثالثا، ينبغي إجراء تغيير جذري للتقييم الاقتصادي لمشاريع النقل. وتركز تحليلات التكاليف والمنافع التقليدية لهذه المشاريع على خفض وقت السفر – ولكن ذلك بديل للكفاءة. تكاليف التعطل يمكن في الواقع أن تعكس فوائد الكفاءة المتوقعة من زيادة سرعات النقل. وسيؤثر إضافة أبعاد الاستدامة الأخرى، مثل السلامة والخصائص الخضراء والشمول، تأثيرا كبيرا في تقييم المشاريع، وبالتالي يطور تصميم المشروع - وهذا هو الطريق الصحيح للمضي قدما. ولا ينبغي تمويل أي مشروع للطرق، على سبيل المثال، دون إيلاء الاعتبار الواجب للسلامة والشمول والأثر المناخي.
ولكن، كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد مستقبل التنقل؟ ستشكل التكنولوجيا العمود الفقري للتنقل في المستقبل. وبحلول عام 2020، ستوجد أعداد ضخمة من الأجهزة النقالة والاتصالات في آسيا والمحيط الهادئ، والشرق الأوسط، وإفريقيا. فوجود مزيد من البيانات والاتصال سيؤدى إلى تنقل أكثر كفاءة وملاءمة، ما يتيح فرصا كبيرة للبلدان النامية كي تتخطى التكنولوجيا الممارسات الحالية. فعلى سبيل المثال، فإن التقدم المحرز في مجال التحليلات، والتشغيل الآلي، و"إنترنت الأشياء" يبشر بالفعل بوعود كبيرة في الحد من الاستهلاك، بما في ذلك استهلاك الطاقة. وقد بدأت خدمات التنقل الإضافية المقدمة للمستخدمين على الهواتف الذكية بالفعل الابتعاد عن ملكية المركبات نحو استخدام المركبات المشتركة في عديد من المدن الكبرى، حيث يتم تعميم الخدمات التي تدعم التكنولوجيا مثل السيارات والاستخدام التشاركي للسيارات. ويمكن أن يساعد تشارك تكنولوجيا المركبات على تحسين استخدام الطرق، ما قد يؤدي إلى توفير المليارات من أجل توسيع البنية التحتية في المستقبل.
كما ينبغي النظر في المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيا الجديدة جنبا إلى جنب مع الفوائد المحتملة. في الأساس، لا تزال السيارة العنصر الأساس في مستقبل التنقل ما يؤدى إلى زيادة ازدحام المدن- التي تعاني ندرة الإيرادات الضريبية للحفاظ على الطرق- إضافة إلى فقدان الوظائف بسبب التشغيل الآلي. وحتى الآن، ركز صناع القرار على كيفية تحسين التنقل ووسائل النقل العامة. وخلال المرحلة التالية، سيتم تجنب التنقل المادي غير الضروري للأشخاص والسلع، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا.
وعلى الصعيد الدولي، تساعد المؤسسات المالية الدولية كمجموعة البنك الدولي قطاع النقل على توافق الأداء والتمويل من خلال رؤية مشتركة للتنقل المستدام. وفي إطار برنامج التنقل المستدام للجميع، جمعت مجموعة البنك الدولي مجموعة متنوعة وعالية المستوى من أصحاب الشأن في مجال النقل الملتزمين بتطوير التنقل، بما في ذلك المصارف التنموية وهيئات الأمم المتحدة والجهات المانحة الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية. وسيساعد هؤلاء الشركاء على تحقيق رؤية مشتركة ذات أهداف محددة بوضوح، ووضع آلية للمساءلة عن القطاع، مع وضع مقاييس لقياس التقدم المحرز، ووضع برنامج عمل وتمويل لتطوير هذا القطاع. وتقوم مجموعة البنك الدولي بالفعل بتضمين هذه الرؤية من أجل التنقل المستدام في تمويل مشروعات النقل. إضافة إلى ذلك، يجب النظر في تقييمات السلامة في تصميم جميع مشاريع النقل الجديدة وتوافقها مع الإطار البيئي والاجتماعي الجديد للبنك الدولي.
ومن الأهمية بمكان أن يكون النقل جزءا من الحوار الدولي حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وفي تموز (يوليو) في مقر الأمم المتحدة، اجتمعت البلدان في إطار المنتدى الوزاري السنوي رفيع المستوى لمناقشة تطورات أهداف التنمية، وستشارك في كيفية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على الصعيد الوطني. وعقدت مجموعة البنك الدولي وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية اجتماعا لمجموعة واسعة من أصحاب الشأن لتبادل الآراء وتعليقاتهم حول مشروع تقرير التنقل العالمي، وهو أول محاولة لدراسة أداء قطاع النقل على الصعيد الدولي وقدرته على دعم التنمية المستدامة. وسيصدر التقرير النهائي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وفي إطار هذا التقرير ستتم مناقشة ما يمكن للحكومات والقطاع الخاص وجهات الرقابة ومؤسسات المجتمع المدني القيام به من سياسات واستثمارات في قطاع النقل لتطويره والتعامل مع فرص وتحديات القرن الـ 21 خاصة فيما يتعلق بتطورات النقل وارتباطه بقطاعات الإنتاج ذات الاستخدام المتسارع لمستحدثات تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي