Author

«رئاسة أمن الدولة» .. هيكلة نوعية عميقة

|
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز البارحة الأولى أمرا ملكيا بإنشاء جهاز "رئاسة أمن الدولة" مرتبط برئيس مجلس الوزراء، بهدف مواجهة التحديات الأمنية على أكبر قدر من الجاهزية والقدرة على التحرك السريع لمواجهة أي طارئ، إضافة إلى تحقيق أفضل تطوير للقطاعات الأمنية السعودية. يضم الجهاز: المديرية العامة للمباحث، وقوات الأمن الخاصة، وقوات الطوارئ الخاصة، وطيران الأمن، والإدارة العامة للشؤون الفنية، ومركز المعلومات الوطني وجميع ما يتعلق بمهمات الرئاسة بما في ذلك مكافحة الإرهاب والتمويل والتحريات المالية، ويتم ذلك بعد فصلها عن وزارة الداخلية، كما سينتقل لرئاسة أمن الدولة كل ما له علاقة بمهامها في وكالة الشؤون الأمنية وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة بوزارة الداخلية من مهام وموظفين مدنيين وعسكريين وميزانيات وبنود ووثائق ومعلومات، مع التأكيد على التعاون بين الداخلية و"رئاسة أمن الدولة"، ما يعزز كفاءة وقدرات هذا الجهاز ويكفل له القيام بدوره الاستراتيجي الحيوي الأشد أهمية، للحفاظ على أمن الدولة في الداخل والخارج. يأتي هذا الأمر الملكي بإنشاء "رئاسة أمن الدولة" والسعودية برهنت على كفاءة عالية في سياستها الأمنية، وحققت إنجازات على مدى تاريخها، برصيد من الخبرة، وبقدر عال من الأداء الأمني بمختلف أبعاده، ويأتي في صدارتها نجاحها الباهر في الحرب على الإرهاب والتطرف، ما جعلها محل إشادة وتقدير عالميين، كان آخرها ما أورده تقرير الولايات المتحدة السنوي عن الإرهاب الذي صدر قبل أيام قلائل من أن السعودية ضربت مثالا متقدما في قدراتها الأمنية بالحرب على الإرهاب، وترصده لوجستيا ومعلوماتيا ومصادر تمويله، وأنها على الدوام محل التقدير والإشادة على جسارة إنجازاتها الأمنية وقدراتها العالية اليقظة في إحباط كثير من العمليات الإرهابية، وإيقاع عديد من الإرهابيين في قبضتها الأمنية، إلى جانب إسدائها خدمات للدول الحلفاء في الحرب على الإرهاب أسفرت عن إسهام عملي وثيق دقيق لعب أدواره النافذة في إنجازات أمنية في أماكن عديدة في دول "التحالف" وغيرها أدت إلى منع وقوع أعمال إرهابية جسيمة، أو قادت إلى عناصر وأفراد مطلوبين أو يمثلون خطرا على نحو من الأنحاء. إذًا .. حين يصدر خادم الحرمين أمره بإنشاء "جهاز رئاسة أمن الدولة"، بعد هذا السجل المشرف في المجال الأمني وبشهادات دول متقدمة على رأسها الولايات المتحدة في تقريرها السنوي عن الإرهاب الذي أشرنا إليه، فذاك يعني أن القيادة السعودية تتطلع إلى أن تصعد بكفاءة إدارة أمن الدولة إلى مصاف أرقى الدول وفقا لأفضل أدوات ومضامين العمل الأمني، وبناء على أجدى الوسائل العلمية والعملية، من خلال تكثيف وتركيز آليات العمل الأمني ذي العلاقة اللصيقة بأمن الدولة، كي يكون هذا الاختصاص النوعي الاستراتيجي معنيا بالدرجة الأولى بأمن الدولة في ارتباطاته بالداخل والخارج.. وليكون لإدارات وزارة الداخلية في خدماتها الأمنية الوطنية الاجتماعية اختصاصاتها التي سيهيئ وضعها الجديد التخفف من أثقال مهام الأجهزة التي فصلت عنها وأصبحت تكوينا عضويا في "رئاسة أمن الدولة"، وهو ما سيمكن وزارة الداخلية من أن تستثمر هذا التغيير في مصلحة الأعمال الخاصة بخدمات المواطنين والمقيمين، وهو ما ظلت تستهدف الجودة فيها لتقديم خدماتها على نحو أفضل وأسرع. ومما لا شك فيه أن لهذا القرار تأثيرات كبرى من أهمها: تفرغ أمن الدولة الآن كجهاز مستقل للقضايا الكبرى مثل الإرهاب، وهو بمنزلة إعادة هيكلة للأجهزة الأمنية حيث يكون هناك تركيز أعمق على العمل وحتى تُدار وزارة الداخلية بطريقة تنموية، ما سينعكس بشكل إيجابي على اقتصاد المملكة. مهام رئاسة أمن الدولة على النحو الذي ذكرها الأمر الملكي هي مهام كبرى وجليلة يتصدرها الحفاظ على أمن وسيادة الدولة باعتباره مركز ثقل ومسؤولية عليا، ومن هنا جاء تحديد ارتباطه برئيس مجلس الوزراء، وهو قائد هذه البلاد الملك سلمان بن عبدالعزيز وبما يعني أشد درجات الحرص على المتابعة والإشراف والتوجيه منه في أن يقوم جهاز رئاسة أمن الدولة بكل جزئية من مهامه بكفاءة وجودة عاليتين لا تقبل إلا منتهى اليقظة والاستشعار لكل ما يحفظ للدولة أمنها في سائر قطاعاتها، وفي جميع مناطقها وبكل الإخلاص وصادق الولاء والانتماء وبما يشرف هذا الوطن ويعزز مجده.
إنشرها