يستطيع باتريك بلهجته الجامايكية أن يقول بشكل أفضل مني ما الذي يعنيه أن يجد المرء نفسه حبيس مقعد متحرك: "عندما تذهب ولا تجد أناسا مثلك، فإن العقل يتساءل عما إذا كنت وحيدا في هذا". أنا وباتريك الآن جزء مما أصبح مجتمعا عالميا من المقعدين الذين يزدادون ترابطا واتصالا. فكلانا يجد الآخر ويسمع صوته على الإنترنت، المدون الصوتي وعضو المنتدى في لحظة معينة. بالنسبة لمالي، ستكون القصة ملحمية وثورية وملهمة وهي تتكشف عبر العالم. عدوى حميدة تشفي ولا تضر.
باتريك يعكف على تجهيز حافلة ركاب صغيرة ذات منظر رائع. يقول، "هذه السيارة ستتسع لخمسة منا كل يجلس على مقعده المتحرك. شيء جميل. يروقني ذلك. أحب مشهد خمسة أو ستة منا ذاهبون على مقاعدهم المتحركة معا إلى مقصد واحد ويستدعون الجميع للخروج".
قد لا يبدو التكدس داخل حافلة ركاب صغيرة من أجل الذهاب إلى محل البقالة عملا ثوريا. لكن الفكرة لباتريك هي أن يكون مرئيا ملحوظا ومُعتبرا. فعديد من الفقراء المقعدين يعيشون مهزومين ومحبوسين في بيوتهم بالمناطق الريفية، حيث يعدمون وسائل التنقل. إنهم بعيدون عن العين والفكر. وعندما يدير الجامايكيون رؤوسهم ويرون ذوي الاحتياجات الخاصة يتحركون في عالمهم، سيتفهمون الحاجة إلى إحداث تغيير في محيطهم المادي. باتريك زعيم محلي ومعلم في المقام الأول، وميكانيكي ثانيا.
وأنا أيضا أرى نفسي بشكل مختلف. فأنا أكسب قوتي من عملي كصانع أفلام ورسام رسوم متحركة. لكنني اليوم أيضا معلم. فبوسعي أن أستخدم منبري في البنك الدولي لكي أتلو حكايات عن أناس مثل باتريك أستطيع أن أسلط عليهم الضوء، أن أجعلهم مرئيين ومعتبرين. أريد أن أكون العامل المساعد، الذي لا يغير تصورات الناس فحسب، بل القوانين أيضا. بالنسبة لصانع أفلام مغمور يرفض الذهاب إلى كلية الحقوق، تشكل هذه مهمة جريئة. آمل أن يعكس ذلك مدى التغيير الذي أحدثته لي هذه التجربة.
بعد أن انتهيت من الفيلم تماما، طُلب مني الذهاب إلى نيويورك وعرضه خلال انعقاد الجلسة العاشرة من مؤتمر الدول الأطراف في الأمم المتحدة، وهو اجتماع دولي حول اتفاقية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كان مبنى الأمم المتحدة المشهور يعج بممثلي بلدان مثل جامايكا التي تعهدت بتحسين سبل الحركة لجميع المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة. كان عديد من الحضور من أمثالي، إما منجليسي المقاعد المتحركة، وإما من العميان، وإما من الصم، وإما من ذوي الاحتياجات الخاصة بإعاقات أخرى. كنت مع صحبتي.
عندما انتهى عرض فيلمي، وأضيئت الأنوار، سألني أحد المندوبين ما إذا بمقدوري المجيء إلى إفريقيا لكي أصور فيلما عن الإعاقة في بلاده. وسألني مندوب آخر ما إذا كان بوسعي عمل قصة عن الفقراء ذوي الاحتياجات الخاصة حبيسي المنازل. كما طلبت إحدى المجموعات التقاط صورة جماعية أتوسطها مع ابتسامة عريضة من أجل الكاميرا. وهذا يشجعني على التركيز على سرد مزيد من القصص على ما كان يعد منذ عدة عقود مضت واقعا جديدا للملايين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف أنحاء العالم.
