تظهر أرقام الإحصائيات تزايدا مطردا في أعداد السياح السعوديين المتجهين خارج المملكة كل عام، ويتماشى مع هذا الارتفاع المستمر ارتفاع في الإنفاق. أنفق السعوديون على السياحة الخارجية ما يقارب 100 مليار ريال في عام 2016، بينما حظيت السياحة الداخلية بما يقارب 60 مليار ريال من الإنفاق. هذه الفجوة تتناقص بشكل مستمر، الإحصائيات لا تصل إلى مستوى متعادل يمكن الارتياح له كمؤشر لتحقيق السياحة المحلية جاذبية حقيقية في الجزئيات المتعلقة بسياحة المواقع التراثية والمواقع ذات الجذب الطبيعي والمشاريع السياحية المهمة.
الجزء الأهم في هذه المؤشرات هو الجزء المتعلق بالإنفاق السياحي الديني، حيث يتجاوز نصيب هذا الجزء الأهم 70 في المائة من مبالغ الإنفاق التي رصدت خلال الفترة الماضية. لعل اهتمام الدولة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي والتوسعات المتتالية، منحت الفرصة لأعداد أكبر من الحجاج والزوار للقدوم وتكوين هذا الحجم القياسي.
الاهتمام الذي تركز على التسهيل والعناية بالحجاج والزوار، استفادت منه المؤسسات السياحية ومنشآت الضيافة بشكل كبير يمكن تمييزه من خلال مؤسسات الإيواء والخدمات التي تعمل في المدينتين المقدستين. يبين هذا ضرورة عمل القطاع الخاص لدعم الإنفاق على السياحة الداخلية ذلك أننا لو حسمنا ما ينفق على السياحة الدينية من إيرادات السياحة الداخلية ستنخفض نسبتها مقارنة بالسياحة الخارجية بشكل كبير.
هنا تعمل "رؤية المملكة 2030" على تحقيق كم أكبر من الإنجاز في المجال بتقليص المساحة بين ما ينفقه السعوديون على السياحة الخارجية المتزايدة بشكل لا يخدم الاقتصاد، وما تحققه مكونات السياحة الوطنية بتفعيل الأنشطة والخدمات ذات العلاقة ودعم وتحسين صورة المواقع والمدن السياحية. لعل وجود الترفيه في كل المناطق بشكل متوازن وجاذب سيكون وسيلة لدعم الاستثمار في السياحة الداخلية.
ضخامة الفرص المتاحة في المجال تستدعي الدفع بمزيد من عوامل التحفيز التي تشجع الاستثمار من قبل المؤسسات المحلية والعالمية في المجال. خصوصا أن كثيرا من أهداف السياحة الخارجية يمكن توفيرها داخل المملكة.
التسهيلات الضريبية وتوفير الدعم المالي وإلغاء القيود الإضافية وغيرها من عناصر الدعم المالي والمعنوي للمشاريع السياحية الكبيرة أمور مهمة في جذب المستثمر الأجنبي. كما أن كثيرا من المستثمرين المحليين يمكن أن يدخلوا المجال مع توافر البنية التحتية في مجال التشريع والخدمات المساندة الضرورية، وهو تحد أكبر يجعلنا نطالب بمزيد من الحماية لمرافق ومنشآت السياحة الوطنية.