استثمار أراض حكومية لمصلحة الإسكان
معلومات صادمة. كم مساحة مطار الملك فهد في الشرقية أو مطار الملك خالد في الرياض؟ وكم عدد مستخدميهما السنوي؟ وكم مساحة مطار هيثرو بلندن وعدد مستخدميه السنوي؟ وللعلم مطار هيثرو من أكبر مطارات العالم في عدد المسافرين.
مساحة مطار الملك فهد قرابة 760 كيلو مترا مربعا وطاقته الاستيعابية ثمانية ملايين مسافر، ومساحة مطار الملك خالد قرابة 250 كيلو مترا مربعا وعدد مستخدميه العام الماضي قرابة 25 مليون راكب. في المقابل مساحة مطار هيثرو قرابة 13 كيلو مترا مربعا وعدد مستخدميه قرابة 75 مليون راكب العام الماضي. المصادر مواقع ذات صلة كموقع هيئة الطيران المدني وموقع مطار هيثرو.
http://www.heathrow.com/company/company-news-and-information/company-inf...
أي أن لكل راكب في مطار الملك فهد قرابة 100 متر مربع، مقابل ستة ركاب تقريبا لكل متر مربع في مطار هيثرو. بعبارة خرى، لكل راكب في مطار الملك فهد مساحة تعادل تقريبا 600 مرة ما للراكب في مطار هيثرو. هذه معلومات صادمة، تبين قدرا كبيرا من هدر الأراضي في مطاراتنا.
والحقيقة المرة أن المبالغة والهدر في مساحات الأراضي ليس فقط في المطارات، بل هناك جامعات حكومية وهناك أجهزة حكومية كثيرة مقامة على أراض تفوق كثيرا حاجة تلك الجامعات والأجهزة الحكومية.
وقد نقلت وسائل الإعلام خلال الشهور والأسابيع الماضية عن خطط خصخصة مطارات المملكة. ومما قيل قبل أيام إنه يجري التمهيد لخصخصة مطار الملك فهد وتحويله إلى شركة مملوكة بالكامل لشركة الطيران المدني القابضة التابعة لهيئة الطيران المدني. بعض هذا الكلام غير دقيق، إذ يبدو أن قائله يسيء فهم معنى الخصخصة.
تحويل أي مرفق حكومي من إدارة حكومية تخضع للأنظمة الحكومية المعتادة، إلى شركة حكومية لا يعتبر خصخصة، بل تغييرا في بنية وسياسة الإدارة الحكومية.
ما معنى الخصخصة؟
يدور المعنى حول تحويل ملكية وإدارة منشآت أو منظمات من القطاع العام أي الدولة أو الحكومة إلى القطاع الخاص. وتختلف الآراء حول بعض التفاصيل. مثلا هل يشترط تحول كامل أو يكفي ولو تحول غالبية الملكية والإدارة؟ وجهات نظر، ولعل الفيصل في اعتبارها خصخصة إذا تحققت هيمنة القطاع الخاص على الملكية والإدارة.
وعلى أي حال، تحويل المطارات إلى شركات، بغض النظر عن الملاك، يعني لزوم أن تكون لهذه الشركات ميزانيات وقوائم مالية. وهذا يستوجب تقدير قيمة أراضي المطارات باعتبارها أصولا مملوكة لهذه الشركات، وذلك يعني أرقاما ضخمة في قيمة الأصول، وهذا بدوره يجعل ربحية هذه الشركات متدنية كثيرا.
ما المطلوب؟
البداية بتحديد حاجة المطارات، وكذلك الجامعات والأجهزة الحكومية الأخرى. وتتحد الحاجة وفقا للمعايير المعتبرة، ووفقا لتشخيص دقيق وحيادي للحاجة، آخذا بعين الاعتبار طبيعة العمل والبيئة المحيطة والخطط التوسعية، وليس وفقا للرؤى الشخصية. وبعد تحديد الحاجة، فإنه مطلوب فصل ما زاد على حاجة كل مطار وكل جامعة وكل جهة حكومية.
وإذا كانت المساحات الزائدة كبيرة كما هو الحال بالنسبة للمطارات، فإن المقترح استغلالها بالتركيز على بيعها. وينبغي وضع وتطبيق سياسة في كيفية البيع بما يحقق أقصى منفعة ويبعد شبهة الفساد أو الإهمال. ولا شك أن التنفيذ سيتطلب سنوات. ويتوقع أن تضخ عملية البيع مبالغ طائلة تصل إلى مئات المليارات من الريالات على مدى سنوات عديدة طبعا.
ماذا يفعل بالأموال المحصلة من بيع هذه الأراضي؟ هنا مقترح على عجلة أي من دون تفاصيل.
معروف أن تملك السكن فوق قدرة نسبة كبيرة من السكان. وبعض هؤلاء يصعب عليهم الحصول على تمويل مصرفي، أو سداد الأقساط، إذا رغبوا في تملك وحدات سكنية تحقق حدا أدنى من طموحاتهم.
ما الحل لتوفير تمويل مستدام لهؤلاء؟ موضوع طويل، وكانت نقطة حديث لوزير الإسكان قبل أيام. من الحلول على المدى البعيد بناء استثمارات لصندوق التنمية العقارية، بحيث يكون الدعم للمستحقين من العوائد وليس من رأس المال. ولتحقيق هذه الفكرة، أقترح استثمار جزء كبير من مبيعات الأراضي الحكومية الزائدة عن الحاجة، في استثمارات متنوعة جدا، داخليا وخارجيا بما يقلل المخاطرة إلى أدنى حد ممكن. وأتوقع أن تبلغ عوائد هذه الاستثمارات عشرات المليارات سنويا.