«العين بعد فراقها الوطنا»

«العين بعد فراقها الوطنا»
«العين بعد فراقها الوطنا»

خير الدين بن محمود بن محمد الزركلي، عالم ومؤرخ سعودي من أصل سوري، ولد في بيروت عام 1310هـ ونشأ في دمشق. عيّن عام 1352هـ مستشارا للوكالة العربية السعودية في مصر، وانتدب عام 1946م لإدارة وزارة الخارجية السعودية بجدة، وفي عام 1951 أصبح وزيرا مفوضا ومندوبا دائما للسعودية لدى الجامعة العربية، ثم وزيرا مفوضا في اليونان عام 1954م، ثم سفيرا للسعودية في المغرب عام 1376هـ/ 1957. توفي بالقاهرة في 3/12/1396هـ. له مؤلفات عدة أهمها: الأعلام، ومنها: شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز، والوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، ورحلته إلى الحجاز ما رأيت وما سمعت. وهو شاعر مبدع له ديوان مطبوع. هاجم الاستعمار الفرنسي بشعره، وتعاون مع المجاهدين في مقاومة الفرنسيين، فحكموا عليهِ بالإعدام أكثر من مرّة، ولجأ إلى السعودية فأقام فيها معززا مكرما، وكان يرى أن الملك عبد العزيز بطل العرب ومنقذهم، وأعجب به كل الإعجاب وألف في سيرته كتابين أشرت إليهما.
من أروع قصائده تلك التي قالها بعد أن فارق وطنه هربا من الاستعمار الفرنسي، وقبل أن يجد وطنه الآخر السعودية. نختار من قصيدته هذه الأبيات:
العينُ بعدَ فِراقها الوَطَنا                   لا ساكِنًا ألِفَت ولا سَكَنا
رَيَّانةٌ بالدَّمع أقلقَها                       ألا تُحسَّ كرًى ولا وَسَنا
كانت تَرى في كلِّ سانحةٍ               حُسنًا وباتَت لا تَرى حَسَنا
والقلبُ لولا أنَّةٌ صَعِدَت                  أنكَرتُه وشَكَكتُ فيه أنا
ليتَ الذينَ أحبُّهم علِموا                وهمُ هنالكَ ما لقيتُ هنا
ما كنتُ أحسَبُني مُفارقَهم               حتَّى تفارقَ روحيَ البدنا
يا طائرًا غنَّى على غُصُنٍ               والنيلُ يسقي ذلكَ الغُصُنا
زِدني وهِج ما شئتَ من شَجَني         إن كنتَ مثلي تعرفُ الشَّجَنا
أذكَرتَني ما لستُ ناسِيَه             ولرُبَّ ذكرى جدَّدَت حَزَنا
أذكَرتَني بَرَدى ووادِيَه               والطَّيرَ آحادًا به وثُنى
وأحبَّةً أسرَرتُ من كَلَفي            وهَوايَ فيهِم لاعِجًا كَمَنا
كم ذا أُغالبُه ويغلِبُني              دَمعٌ إذا كَفكَفتُه هَتَنا
لي ذكرياتٌ في رُبوعِهُمُ           هُنَّ الحياةُ تألُّقًا وسَنا
إنَّ الغريبَ معذَّبٌ أبدًا            إن حلَّ لم ينعَم وإن ظَعَنا

الأكثر قراءة