المستهلكون يحفزون احتياجات البنية التحتية «2 من 2»
من شأن تعديل أولويات الإنفاق الحكومي أو زيادة الموارد الضريبية أن يسمح بتمويل بعض استثمارات البنية التحتية. لكن الأسلوب الواقعي الوحيد لسد الفجوة الكبيرة والمتزايدة في استثمارات البنية التحتية في الأسواق الصاعدة يتم من خلال الاستعانة بالقطاع الخاص، بما في ذلك الموارد الضخمة المحتملة في صناديق التقاعد وشركات التأمين على الحياة حول العالم.
وقد يقتضي ذلك إدخال التعديلات على الاشتراطات الاحترازية للسماح لهؤلاء المستثمرين بحيازة محافظ استثمارية متنوعة على المستوى الدولي في مشروعات البنية التحتية. وإضافة إلى ذلك، يمكن للشراكات بين القطاعين العام والخاص مع بنوك التنمية الإقليمية ومتعددة الأطراف أن تكون بمنزلة "خاتم الموافقة" الذي يحتاج إليه هؤلاء المستثمرون للمشاركة في مثل هذه المشروعات.
وسيقتضي جذب مستثمري القطاع الخاص أيضا أن تتوخى الحكومات الحفاظ على بيئة تنظيمية مستقرة لا تخضع لأي تدخلات سياسية جزافية. وفي الوقت نفسه، تسببت طلبات تنفيذ الضمانات الحكومية في الشراكات بين القطاعين العام والخاص في بعض الأحيان في تحميل الموازنة تكاليف تعادل نقطة مئوية أو أكثر من إجمالي الناتج المحلي في عديد من البلدان، منها كولومبيا وإندونيسيا والبرتغال. وللحد من مثل هذه المخاطر، يجب على الحكومات رصد التزامات المالية العامة الناشئة عن المشروعات التي تنطوي على مشاركة القطاع الخاص والإفصاح عنها للجمهور. وهناك عديد من البلدان التي تتبع هذا المنهج بانتظام ومنها "شيلي".
الشفافية
إن الأمر لا يقتصر على مجرد الإنفاق، وإنما فعالية الإنفاق.
فنجاح أي مشروع من مشروعات البنية التحتية يتوقف على درجة الشفافية وتوافر الإعلام المستقل القادر على توخي الدقة في متابعة المشروعات والإبلاغ بتطوراتها، الأمر الذي سيسمح للجمهور بالضغط على صناع السياسات لتحقيق المصلحة العامة.
ويعد نشر المناقصات وأهم سمات العقود، وسلامة إمساك الدفاتر، ومراقبة الجودة من المتطلبات الحيوية خلال مراحل المشتريات ــ بما في ذلك تقييم المشروعات وتقديم المناقصات ــ إلى جانب سلامة أداء بنود العقود، وهو ما سيضمن استخدام التمويل على نحو منتِج وعدم اختلاسه أو تحويله على نحو غير مشروع إلى المشروعات منخفضة القيمة المضافة التي يفضلها المؤيدون السياسيون. ولردع أعمال الاحتيال، يجب على الحكومات تقديم المكافآت إلى المبلغين عن التجاوزات وحمايتهم من الأعمال الانتقامية.
ويسجل عديد من الاقتصادات الصاعدة درجات ضعيفة على مؤشرات جودة البناء المؤسسي في مجال اختيار المشروعات وتنفيذها. غير أن الفساد يطول جميع البلدان، والاقتصادات المتقدمة أيضا بحاجة إلى حماية مشروعات الاستثمار في البنية التحتية من نفوذ القطاع الخاص الزائد ومن التدخل السياسي الجزافي.
وسيستفيد المواطنون أيضا من بدائل البناء "الأخضر" الجديدة. فعلى سبيل المثال، من شأن إعطاء الأفضلية في شبكات النقل الجديدة لخطوط المترو وغيرها من وسائل النقل العام على الطرق البرية أن يساعد على تخفيض انبعاثات الكربون لعقود طويلة.
إن الاستثمار في البنية التحتية يحمل في طياته بشائر خير وإمكانات هائلة. ولجني ثماره، ينبغي لصناع السياسات اعتماد الضوابط والتوازنات الملائمة وحمايتها، لضمان انتفاع المواطنين من الاختيارات الصحيحة.