حفلة شواء

لو مررت على حديقة عامة وشاهدت أشخاصا يقومون بالشواء فيها لشعرت بالامتعاض لفعلهم وتشويههم المنظر العام ومضايقتهم الآخرين برائحة الدخان بل ربما شعرت بالاستفزاز الذي سيدفعك إلى إبلاغ البلدية عن مخالفتهم تلك!
الغريب أن البعض يقوم يوميا بالتفرج على حفلات شواء من نوع آخر دون أن يحرك ساكنا رغم بشاعة الأمر بل ربما شعر بالاستمتاع!
ـــ الشماتة في الآخرين وتذكر خطاياهم السابقة التي تابوا منها توبة نصوحا و"معايرتهم" بها عند أقل سبب وأتفه حادثة هو في حقيقة الأمر مثل حفلة شواء في حديقة عامة!
ــــ قبل أربع سنوات جاءتني امرأة مطلقة في الـ 25 من عمرها تشكو معاناتها مع شقيقة زوجها وتهديدها ووصفها بأحط الأوصاف وتسببها في طلاقها. وبعد حوار طويل فهمت منها أنها كانت لها علاقات كثيرة قبل ارتباطها بزوجها لكنها تابت لربها توبة نصوحا وغيرت من سلوكياتها ووضعت لها أهدافا وبدأت في إكمال تعليمها والانخراط في فرقة تطوعية معروفة وأنجبت طفلين، لكن بمجرد اكتشاف شقيقة زوجها سلوكها السابق بدأت في الشماتة بها ومعايرتها وزرع الشك في قلب شقيقها حتى قام بتطليقها، وانتزاع طفلتيها منها بلا رحمة. نصحتها بالتماسك والحفاظ على ثقتها بنفسها والاستمرار في تحقيق أهدافها وعدم الرجوع لتلك الدائرة المظلمة التي تجعل منها مجرد سجينة لشهوات البشر دون أدنى كرامة وشرف وأن تصبر مهما كانت الإغراءات، وعليها قبل كل ذلك حسن الظن بالله تعالى.
مضت الأيام وطواها النسيان في ذاكرتي حتى الأسبوع الماضي حين وجدت رقما يلح صاحبه في الاتصال، وكانت المفاجأة أنها تلك المطلقة قالت: شاركتك جراح معاناتي السابقة فأحببت أن تشاركيني أفراح حياتي الحالية، ولن أنسى لك نصيحتك الذهبية حين نصحتني ألا أعود لتلك الدائرة المظلمة التي ستقودني إلى خسارة ذاتي، أنا حاليا عدت إلى زوجي وبين أطفالي وتخرجت في الجامعة وأستمتع بكوني قائدة فرقة تطوعية وأحظى باحترام الجميع. شقيقة زوجي هي الآن سجينة لتلك الدائرة المظلمة حيث يخسر المرء ذاته وقيمته وشرفه. هل تصدقين ذلك؟!
ـــ كل من ينتقص من الآخرين ويشمت بهم ويعايرهم بخطاياهم التي تابوا منها شخص لم يدرك بعد أنه سيقف في طابورهم السابق وسيجلس على مقاعدهم نفسها التي غادروها. المسألة مسألة وقت فقط!
ــــ يقول الحبيب - عليه الصلاة والسلام _ "كل ابن آدم خطاء".. ولذلك فكرة المدينة الفاضلة أثبتت فشلها لأننا بشر ولسنا ملائكة!
فلنتوقف عن حفلات الشواء قبل أن نختنق بدخانها!

وخزة
يقول ابن القيم "من عاب على أخيه بذنب لم يمت حتى يفعله".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي