هيئة الاتصالات ومجلس المنافسة .. والموافقة على الصفقات «1 من 2»
صفقات الاندماج والاستحواذ تعد نوعا من الصفقات التي تنبئ عن حراك اقتصادي قائم أو قادم من جهة، ومن جهة أخرى قد تشير إلى تطور أو انبثاق لاعب أو مجموعة لاعبين في سوق معينة، ما يثير مخاوف أجهزة الرقابة المعنية بحرية السوق وتوازنها. لذلك ظهرت قوانين المنافسة لتحاول أن تضمن حرية السوق في التنافس من خلال حظر الممارسات الاحتكارية أو المنافية للمنافسة عن طريق مراقبتها، ومن خلال إلزام تقديم طلب موافقة مجالس أو هيئات المنافسة، ما يعد خطوة وقائية لتجنب حالات قوى تركز أو قوى سوقية لمنشآت أو أشخاص في السوق المعنية.
تبعا لمن سبق من الدول في قوانين المنافسة حول العالم، صدر نظام المنافسة السعودي عام 1425هـ وتم تعديله عام 1435هـ. تضمن نظام المنافسة السعودي بلائحته مجموعة من الأحكام العامة، ومن تلك الأحكام كان لصفقات الاندماج والاستحواذ نصيب كبير. كما قام نظام المنافسة السعودي ولائحته بإدراج صفقات الاندماج والاستحواذ ضمن ما سمي بـ "التركز الاقتصادي"، حيث اُشترط لنوع معين من أنواع الاندماجات والاستحواذات لإتمامها الحصول على موافقة من مجلس المنافسة السعودي وفق إجراءات وشروط تفصيلية. ينتج عن ذلك أن نظام المنافسة السعودي هو الحاكم لجميع صفقات الاندماجات والاستحواذ التي تدخل ضمن اختصاصه في أي سوق في السعودية.
في المقابل، نجد نظام الاتصالات السعودي الصادر عام 1422هـ قد نص في مادته الـ (25) أنه يجب على الأشخاص (المشغلين) ـــ المرخص لهم بتقديم خدمة اتصالات عامة أو بتشغيل شبكة اتصالات تستخدم لتقديم خدمة اتصالات عامة ــــ أن يحصلوا على موافقة هيئة الاتصالات قبل القيام بعمليات اندماج فيما بينهم أو قبل شراء حصة محددة بنسبة معينة من مشغل آخر أو حصة يترتب عليها وجود سيطرة مشغل على سوق محددة.
إن وجود نظامين معنيين بالمنافسة فيما يتعلق بالموافقة على طلبات صفقات الاندماج والاستحواذ قد يثير تساؤلا عند الشركات أو العاملين على تطبيقهما. هذا التساؤل يمكن صياغته على النحو التالي: ألا يعد ازدواجا مكررا وجود قانونين يحكمان الاندماج والاستحواذ من جانب قواعد المنافسة؟ ويرد على هذا التساؤل تساؤل في حالة بعض الدول مع مثل ذلك.
ستحاول هاتان الحلقتان من هذه المقالة مناقشة فقرة من هذا التساؤل من خلال الاستعانة بلمحة موجزة لتجربة أكثر من دولة حول هذه المسألة. لذلك، ستقتصر هذه المقالة فقط على وجود موافقتين إلزاميتين ـــ في حال انطباق الشروط والقيود النظامية- من سلطتين مستقلتين وهما: مجلس المنافسة وهيئة الاتصالات في حال كان الاندماج والاستحواذ في سوق الاتصالات ـــ بغض النظر عن النقاش القانوني الطويل الذي يرد حول كل نظام على حدة بمواده ولائحته التفصيلية.