Author

ديوان المظالم .. وإجراءات التقاضي التجاري

|
في خطوة تهدف إلى الارتقاء بإجراءات التقاضي في الدعاوى التجارية أصدر رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري قرارا بتحديد مدة الجلسة الأولى للدعوى التجارية بما لا يتجاوز 20 يوما من تاريخ القيد، وتحديد الحد الأعلى لتأجيل نظر الدعوى، بما لا يتجاوز ثلاث جلسات للمرافعة. إن القرار تضمن تقليص أمد التقاضي مع تحقيق جودة عالية، حيث تضمن القرار، التحقق في الجلسة الأولى من الجوانب الشكلية للدعوى، من حيث القبول والاختصاص، كما نظم القرار الجلسات عن طريق قصر تأجيل الجلسة على سبب يستدعي ذلك، وألا تؤجل للسبب ذاته، وتحديد الحد الأعلى لتأجيل نظر الدعوى بما لا يتجاوز ثلاث جلسات للمرافعة. كما تضمن القرار تطبيق عدد من المبادرات التي تستهدف تخفيف الأعباء الإدارية عن القاضي بإسناد بعض الإجراءات إلى الإدارة المختصة في المحكمة ومن أهمها: تبليغ المدعى عليه عن طريق إدارة الدعاوى وإيداع مذكرة الدفاع الأولى لديها وتطبيق إجراء تبادل المذكرات بين الأطراف مع تحديد عدد مرات تبادلها ومددها، كما سيتم ربط هذه الإجراءات بمؤشرات قياس الأداء في الديوان والمرتبطة بإدارة التفتيش القضائي، بما يضمن تطبيقها على الوجه الأمثل وبما يحقق الغاية منها. هذا القرار ضمن مجموعة من المبادرات التطويرية التي سبق أن أطلقها الديوان تعنى برفع الجانب التطويري وتقليص أمد التقاضي وأيضا التحول الإلكتروني لأعمال محاكم الديوان، ومن ذلك الخدمات الإلكترونية؛ مثل خدمة "قضاياي" وخدمة "مواعيدي" وخدمة "الاطلاع على الحكم إلكترونيا"، و"مبادرة #نشر" وتصنيف ونشر الأحكام التجارية على بوابة الديوان ونشر بعض المؤشرات، كما يعمل الديوان حاليا على إطلاق عدة مبادرات تطويرية خلال الفترة المقبلة القريبة ـــ بإذن الله ـــ في إطار خطته الاستراتيجية ورؤية المملكة بما يثري الجانب التقني للتقاضي بنقلة نوعية غير مسبوقة. تقرر أن تبدأ المحاكم التجارية عملها مع مطلع العام الهجري المقبل وفق الترتيبات القضائية التي يتم تنفيذها حاليا، وعلى مراحل سيكون آخرها اكتمال إنشاء المحاكم التجارية ونقل الدوائر التجارية من ديوان المظالم إلى المحاكم التجارية، وذلك يشمل نقل الكوادر القضائية والإدارية وملفات الدعاوى ومحاضر الجلسات وغيرها من متطلبات انطلاق عمل المحاكم التجارية التي ستختص بالفصل في المنازعات التجارية الأصلية والتبعية، عدا ما سيبقى ضمن اختصاص بعض اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي، وهي ثلاث لجان على وجه التحديد، وهي تلك التي تنظر بصفة مستقلة في المنازعات المصرفية ومنازعات التأمين ومنازعات الأوراق المالية. لقد رعت الدولة مشروعا ضخما لتطوير القضاء، وهو مشروع يمثل نقطة تحول ومنعطفا مهما في تاريخنا القضائي مشمولا بالإفادة من أرقى المعطيات والخبرات محليا ودوليا، ولأن هذا المشروع الوطني الضخم وإعادة هيكلة السلطة القضائية بقضائها العام والإداري من أولويات الإصلاح الذي يتابعه خادم الحرمين، فإن بوادر هذا المشروع أصبحت من شؤون الرأي العام التي يحرص المجتمع على الاطلاع على مستجداتها وما يتم الإعلان عنه بين حين وآخر من أصحاب الاختصاص والصلاحية، حيث أعلن وزير العدل أن المدونة القضائية تم الانتهاء من مرحلتها الأولى، وهي في طريقها للنشر قريبا لتكون مرجعا للعاملين في العدالة من قضاة ومحامين وأكاديميين ومستشارين، والمختصين بشكل عام. ولدعم سرعة وجودة الفصل في المنازعات التجارية وكعمل رديف للمحاكم التجارية، فإن التحكيم التجاري حقق قفزة في طبيعة المنازعات التي ينظرها ويفصل فيها؛ حيث تصدى للفصل في بعض المنازعات العقارية والهندسية التي يرغب أطرافها في الخضوع لآلية التحكيم من خلال المركز الذي يحقق للخصوم السرعة والسرية في الفصل في المنازعات واكتساب أحكامه الصفة النهائية وحسم النزاع، وهذه الخطوة تأتي بعد عزوف شديد عن اللجوء إلى التحكيم. وكان لا بد من النظر الجاد إلى وضع التحكيم ومدى اتفاقه إيجابا مع الوضع القانوني في منظمة التجارة العالمية، وعلى الأخص ما قد يعد قصورا في الجانب التنظيمي لقضاء التحكيم، والأهم تلك الحلول البديلة التي يبحث عنها الراغبون في اللجوء إلى التحكيم. إن الأمل معقود بالفعل على مركز التحكيم التجاري السعودي، فالقضاء التجاري يعاني كم القضايا التجارية ونوعها وبطئا شديدا يتنافى مع طبيعة التجارة التي تقوم أساسا على السرعة والاستثمار الأمثل للمال والوقت والجهد؛ فضلا عن عدم وضوح كاف للرؤية في بدء انتقال الدوائر التجارية في ديوان المظالم إلى جهة القضاء العادي، وتكوين المحاكم التجارية لتكون محاكم لها استقلال وذاتية متميزة من بين المحاكم، وكذلك بدء دوائر الاستئناف التجارية وفتح باب الترافع أمامها عمليا بدلا من نظام التدقيق المعمول به حاليا، حيث لا يمكن اعتباره استئنافا على أية حال. ولأهمية فعالية التحكيم وعدم تعرض قراراته للنقض إلا في أضيق نطاق متى مست العدالة بشكل واضح، فإن دورا مأمولا من وزارة العدل ينتظره التجار والشركات والمؤسسات التجارية.
إنشرها