Author

ماذا وراء تكتيكات إيران غير المتكافئة في مياه الخليج؟

|

يستمر مسلسل الاستفزاز الإيراني في مياه الخليج العربي بتهديد الملاحة الدولية بالاحتكاك بالسفن الحربية، ولا سيما التي تعبر مضيق هرمز الذي يشكل نقطة حساسية، وهو المضيق الذي تمر عبره نحو 30 في المائة من صادرات النفط العالمية سنويا. وذلك مسلسل طويل لمتابعيه على مدى سنوات بل عقود، لكن المختلف هذا العام هو تصاعد اللغة المستخدمة من الإدارة الأمريكية الترمبية. الحكاية مرة أخرى أن مجموعتين من زوارق الهجوم السريع التابعة للبحرية الإيرانية اقتربتا من حاملة الطائرات الأمريكية وسفنها عندما دخلت المضيق يوم الثلاثاء، للمشاركة في الغارات الدولية على «داعش» في سورية والعراق بقيادة أمريكا. وأرسلت حاملة الطائرات الأمريكية يوم الثلاثاء طائرات هليكوبتر للتحليق فوق الزوارق السريعة الإيرانية التي اقتربت إلى مسافة 870 مترا من حاملة الطائرات الأمريكية. وقال قائد المجموعة القتالية المرافقة لحاملة الطائرات "هذه الزوارق كانت تحمل أيضا أسلحة تمكنت بعض الكاميرات من الكشف عنها، وكانت بعض الأسلحة تحرسها عناصر، ولدينا بيانات جوية تشير إلى أنهم حشوا كل تلك الأسلحة بالذخيرة". كما يصف بعض قادة البحرية الأمريكية أن سلوك إيران أكثر عدوانية وأقل قابلية للتنبؤ به.
وهنا يمكن التساؤل حول رسائل محتملة من هذا الاحتكاك قد تكون من بينها محاولة من إيران لإرسال رسائل دبلوماسية ليست فقط إلى أمريكا والمجتمع الدولي بل السعودية أيضا على وجه الخصوص. ومن ذلك أيضا محاولة إعطاء إيران نفسها واجهة دولية مهمة للتذكير بقدرتها على الإضرار بالاقتصاد وحركة النفط والتجارة التي تعبر مضيق هرمز. ولطالما اعتبرت إيران، ولا سيما الحرس الثوري الأكثر جموحا وعدوانية، وجود الجيش الأمريكي في هذا الخليج استفزازا لها منذ عقود طويلة، وهي عقود شهدت كثيرا من الأحداث الطويلة، يذكر منها الدرس الذي لقنته أمريكا لإيران بعدما أصاب لغم إيراني بحري مزروع في الخليج مدمرة أمريكية في الثمانينيات. ولكن لا يمكن بطبيعة الحال أن تؤخذ مناوشات الثمانينيات في مقارنة بالوضع الحالي. ويبقى التساؤل مجددا: هل يبقى الأمر مجرد لغة متصاعدة بين الولايات المتحدة أم يتطور إلى نقاط غليان؟ ولا سيما أن قائد المجموعة القتالية هذه المرة خرج من مفردات الدبلوماسية الهادئة بقوله : من الممكن أن تؤدي حوادث مستقبلا إلى حسابات خاطئة وتسبب اشتباكا بالأسلحة. ولا ننسى أن ترمب وصف إيران بأنها دولة الإرهاب الأولى. يستبعد كثير من المحللين الغرب نشوء مواجهة عكسرية ضد إيران قد تضر بحركة الاقتصاد، كردة فعل من الولايات المتحدة في المنطقة. وهذا ما لا ترغب فيه أمريكا ولا المنطقة ولا إيران نفسها، وإلا فبالإمكان تسمية ذلك انتحارا كانتحار الحيتان على الشاطئ. ويستبعد أيضا أن تتجاوز إيران الاستفزاز والاحتكاك إلى ما هو أبعد، ويمكن تسمية ما تقوم به إيران بـ "تكتيكات" غير متكافئة أو غير متناظرة إطلاقا. إيران خصم ضعيف بقوة بحرية بدائية يحتك بقوة عسكرية ضخمة معتمدا على تكتيكات وأسلحة تمنح ضعفها بعض "الهيلمان"، كبديل عن المواجهة المباشرة، ولتشكيل نوع من الدفاع بأوجه عدة. لكن لا يمكن التنبؤ بطبيعة الحال بما قد يحدث من تطورات في المنطقة.

إنشرها