«داهومي» .. بلاد تبيع شعبها

في بلدة صغيرة تقبع في أقصى غرب إفريقيا بين النيجر ونيجيريا وبوركينا فاسو تدعى مملكة داهومي وهي من أغرب الممالك أو الدول التي لم تنتظر أن يأتي أحد ليضطهد شعبها، بل كان ملكها بذاته يتاجر في شعبه حتى سميت دولته (بساحل العبيد) تأتيها السفن فارغة وتعود محملة بالعبيد من رجال ونساء وأطفال خصصت فرق لاصطيادهم ومن ثم بيعهم على تجار العبيد من الأوروبيين، حيث يتلقون أصناف التعذيب بينما تنهض دولتهم واقتصادها على العائد من المتاجرة بهم رغم أن أرضهم زراعية إلا أن النساء المكلفات بزراعتها حولهن القادة إلى قوة نسائية لا تقهر، وبدل ذلك تجدهن يخضن أعتى المعارك ويفاخر بهن حاكم الدولة لدرجة أنه في عهد الملك كويذو كان ثلث الجيش من النساء.
فما حكاية هذه المملكة التي تبيع شعبها؟
بداية الأمر كانت عام 1645 مع الملك الثالث لبلاد داهومي "هوقبادجا" الذي اتخذ من النساء حرسا شخصيا له، اختارهن من المخلصات الشديدات المتدربات على فنون القتال والحروب، ما جعلهن يرتكبن أفظع الجرائم كما سنرى. وعلى مر الزمن شكلت الحارسات نواة لجيش كامل من النساء ذاع صيته في العالم كله، بسبب قوتهن وإجادتهن لفنون القتال، ولذلك أمنت الدولة جيرانها وتوسعت وأطلق عليها عدة مسميات منها: "سبارتا السوداء" و"الداهوميون الأمازونيون". ومن بعده جاء الملك كويذو بعد أن انقلب على أخيه الشقيق، وكما وعد شعبه بجعل المملكة كلها تعتمد على ثلاثة أشياء: نسائها القويات، الاحتفالات التي لا تنتهي وتجارة العبيد التي أكسبته الأموال الطائلة.
ورغم ازدهار داهومي الاقتصادي والأمان الذي عاشته إلا أنه قائم على اضطهاد البشر وتقطيع أوصالهم بمشاركة ودعم القوة النسائية الغاشمة. فهل تخيلتم أن مصدر الرحمة والعطف تحول إلى سلاح في يد جلاد.
لم يعجب هذا الفعل الملكة فيكتوريا فحاولت منعه بشتى الطرق، ولكن جرأة وقوة كويذو جعلته يستقبل وفدها أثناء احتفاله بوقت انتهاء موسم بيع العبيد بكل حفاوة وفخامة وزينت الممرات بالحرير و148 جمجمة بشرية وزوجات الملك الألف يصطففن خلفه بلباس حريري أحمر موحد، وفي كل يوم خلال الاحتفال كان يضحي بمجموعة من البشر وعندما رفض الوفد الحضور كان لزاما عليهم أن يمروا عبر الممرات من خلال برك الدماء وبين الأعضاء البشرية المقطعة ليظهر لهم الثقافة الشعبية لبلده المستهتر بأرواح البشر، لم تستطع الملكة منع تجارة العبيد التي لم تنته إلا بموته بعد 40 سنة بعدها انهارت داهومي واحتلتها فرنسا وتغير اسمها إلى بنين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي