«الجنادرية» .. جدلية المعاصرة والتراث

يعود مجددا المهرجان الوطني للتراث والثقافة ليقام في موعده السنوي ليربط الماضي بالحاضر، وليعطي لهذا الجيل من الشباب والشابات الاعتزاز بتراث الآباء والأجداد، وليكون جسرا من العلاقة بين ماضينا التليد وحاضرنا المجيد. وهو وإن كان مهرجانا وطنيا بامتياز إلا أنه ميدان واسع بشموله الثقافي استوعب مشاركة عربية تحضر كل عام لتكون ضيفا مرحبا به في بلده الثاني، حيث تحتضن المملكة إخوتها العرب من مثقفين ورواد في مختلف الفنون والآداب.
إن الجنادرية محور ثقافي يهتم بالإنسان السعودي الذي ينتظر كل عام هذا المهرجان الوطني ليشارك فيه بوجدانه، ولا شك أن المواطنين هم من يعطون لهذه الاحتفالية الثقافية طاقة وتألقا، والإقبال المتزايد على الجنادرية وفعالياتها كل عام هو خير دليل على أن هذا المهرجان مورد لا ينضب ويعبر عن ارتباط الإنسان السعودي بماضيه رغم ما في الحاضر من متغيرات ونقلات واسعة لكنها لم تفصل عن الماضي. وهذا المهرجان أيضا نافذة كبيرة ينظر من خلالها السعوديون إلى زمن ما قبل النفط، وما تحمله تلك الفترات من نمط حياة مختلف عن حاضرنا في كل شيء.
إنه مهرجان يحظى بدعم القيادة السعودية منذ انطلاقه قبل 30 عاما، فالجنادرية تخبرنا عن قصة نجاح عبر فيها الوطن من مرحلة إلى أخرى، والذي يقف اليوم في أركان المناطق الموجودة في القرية التراثية ربما لا يعلم أن عهد بلادنا بهذه المنازل والآلات والحرف البسيطة كان قريبا، حيث إن التراث الوطني للمملكة يجد رغبة جارفة من المتابعين الذين يرون في الجزيرة العربية مكانا ذا طبيعة خاصة.
إن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، تبرز جهود وإنجازات القيادة الرشيدة في عمارة وتطوير الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما، كما تبين الأصالة والثوابت والأسس والمبادئ، والموروث الحضاري والمخزون الفكري والثقافي الذي تنطلق منه البلاد في أهدافها وأعمالها، ويعد المهرجان مناسبة تاريخية في مجال الثقافة، ومؤشرا عميقا للدلالة على اهتمام قيادتنا الحكيمة بالتراث والثقافة والقيم العربية الأصيلة.
إنها مناسبة وطنية تمزج في نشاطاتها عبق تاريخنا المجيد بنتاج حاضرنا الزاهر، حيث يضم المهرجان المقتنيات الأثرية والحرف اليدوية والمعالم التراثية والعمران القديم، وكذلك التقنية الحديثة والهندسة العمرانية المتطورة والمصانع والمنجزات الحضارية المختلفة، حيث تهتم القيادات في المملكة بالفعاليات الثقافية والتراثية، والمحافظة على التراث والتقاليد العربية الأصيلة. وتحسب هذه الفعالية كأهم المناسبات الوطنية التي يمتزج فيها الحاضر بالماضي، فيعبق التاريخ وتتمازج الأزمنة، بعروض متنوعة.
إن من أهم أهداف هذا المهرجان تأكيد وتأصيل الهوية العربية الإسلامية بموروثها الوطني ومن كل الجوانب للمحافظة عليه ليظل في عيون الجيل القادم ليفخروا به. تبدأ عروض الجنادرية برعاية ملكية، لتدل هذه الرعاية على مدى الاهتمام الذي تحظى به هذه الفعالية لتكون الرابط الأهم بين الماضي والحاضر ولتعزز رؤيتها بمدى أهمية التراث ليشكل تاريخ المملكة، وقد دعمت الحكومات المتعاقبة المهرجان وقدمت الدعم الكافي، وذلّلت الصعاب وأسهمت جميع القطاعات الحكومية بدعم ومساندة المهرجان، فتسابقت القطاعات المختلفة للمساعدة في تنظيم المهرجان والمشاركة في مختلف النشاطات المقررة كل عام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي