اقتصاد الطاقة النظيفة تحت المجهر
أصبحت الولايات التي تضغط من أجل مزيد من الاعتماد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، غير متأكدة تماما مما يمكن توقعه بعد تولي الرئيس ترمب مقاليد الأمور. وكثير من هذه الولايات تعتمد بشكل كبير على الإعفاءات الضريبية والمنح والبحوث الاتحادية الخاصة بالطاقة المتجددة، وهي أمور يتوافر أغلبها عن طريق وزارة الطاقة. ولقد كان ريك بيري؛ الوزير الجديد المرشح لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة، يوما ما متشككا جدا في قيمة وزارة الطاقة، ولذلك فإن مستقبل الوزارة لا يزال محل تساؤل ويكتنفه الشك. كما سبق أن أصدر الرئيس الجديد عديدا من التصريحات المثيرة للجدل والقلق فيما يتعلق بتغير المناخ، حيث صرح بنيته في إحياء تعهدات الاعتماد على الفحم، وتحدث عن طاقة الرياح بقدر كبير من الاستخفاف.
وقد كان ريك بيري يوما ما متعهدا للنفط في ولاية تكساس، وأشرف على التوسع الهائل في إنتاج طاقة الرياح حينما كان حاكما للولاية. وخلال حملة ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2011 وضع وزارة الطاقة الأمريكية على قائمة الوزارات التي يعتقد أنها تستحق الإلغاء. ولكن في الآونة الأخيرة وأثناء جلسة اعتماد تعيينه في مجلس الشيوخ صرح بأنه اتخذ موقفا معاكسا لتقييمه الأولي الخاص بقيمة الوزارة وتنصل من فكرة إلغائها.
وتوفر الطاقة المتجددة نحو 15 في المائة من إجمالي الكهرباء المولدة في الولايات المتحدة، وقد وضعت أكثر من 29 ولاية أهدافا رامية لتعزيز الاعتماد على هذه الطاقة. ومن غير المرجح أن يتوقف التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، حتى إن أدت سياسات الرئيس ترمب إلى تباطؤ عملية ومعدل التوسع. وقد انخفضت أسعار تسخير طاقة الشمس والرياح كثيرا في عديد من مناطق الولايات المتحدة، ويرى المختصون أنها يمكن أن تظل قادرة على المنافسة مع مصادر الطاقة التقليدية مثل الفحم والغاز الطبيعي حتى دون الدعم الاتحادي. وعلاوة على ذلك فإنهم لا يتوقعون إلغاء سريعا للإعفاءات الضريبية الاتحادية الرئيسة التي كانت محركا ودافعا لهذه الصناعة طوال سنوات عديدة.
ولا شك أن العقبات المتوقع أن تضعها إدارة الرئيس ترمب - الذي يقوم بتعيينات وزارية صديقة للوقود الأحفوري ويعد بإعادة إحياء الاعتماد على الفحم، وذلك بسبب شكوكه حول شرعية تغير المناخ – تخلف عديدا من المخاوف لدى متعهدي الطاقة المتجددة. وقد انتقد الرئيس ترمب توربينات الرياح الواقعة بالقرب من بالم سبرينغز بولاية كاليفورنيا، لأنها تقتل الطيور وتبدو مثل "ساحات المخلفات".
وتعهد الرئيس المنتخب ترمب بوقف "كل اللوائح غير الضرورية" في قطاع الطاقة كجزء من خطة "طاقة أمريكا أولا". ويعد وضع الحوافز أمرا مهما لتحقيق هدف الولايات المتحدة المتمثل في توليد 100 في المائة من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2045م، وهو ما يمثل الهدف الأكثر شراسة للولايات المتحدة. وقد صرحت وزارة الطاقة في أحد التقارير الصادرة العام الماضي أن تكلفة توليد الطاقة من الرياح انخفضت أكثر من 40 في المائة بين عامي 2008 و2015، وتراجعت أسعار الألواح الشمسية أكثر من 60 في المائة في الفترة نفسها. وفي الوقت نفسه رفعت بعض الولايات ذات الميول الديمقراطية متطلباتها بشكل تصاعدي، ومنذ عام 2015 رفعت كل من نيويورك وكاليفورنيا مستهدفيهما إلى 50 في المائة بحلول عام 2030م، وأشار أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك إلى أنه يود تحقيق ما هو أكبر من ذلك.
وقد يصح افتراض أنه لفترة وجيزة ستكون منافسة مصادر الطاقة المتجددة مع مصادر الطاقة الأخرى بوصفها خيارا منخفض التكلفة أمرا صعبا جدا، وكذلك عملية إيجاد وظائف متعلقة بالطاقة المتجددة. ومع ذلك فإن التحول الذي لا يمكن إيقافه إلى اقتصاد الطاقة النظيفة يشق طريقه بالفعل. ومع كل الإنصاف للرئيس ترمب فلا أحد يدري بالضبط إلى الآن ما خططه حيال قطاع الطاقة المتجددة.