موقع السعودي في نظام العمل

عندما صدر أول نظام للعمل في المملكة حمل اسم "نظام العمل والعمال"، وكان العنوان يوحي بأنه جاء ليحدث التوازن بين العمال وأرباب الأعمال، وعندما صدر نظام العمل في الربع الأخير من القرن الماضي أي قبل نصف قرن من الآن كان الصراع على أشده بين الفكر الشيوعي من جانب ترجيح كفة العمال باعتبارهم الطبقة الكادحة التي يقوم عليها المجتمع الشيوعي، ومن جانب آخر هناك الفكر الرأسمالي الذي يرجح كفة أرباب الأعمال، ولم نكن طرفا في ذلك الصراع العقدي لأن لدينا الاستقلال والغنية في الشريعة الإسلامية التي توفر الأساس العادل والمنصف لحقوق العمال وأرباب الأعمال.
وقبل انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية جرى التعديل على معظم الأنظمة السعودية ومنها نظام العمل والعمال وكان للتعديلات هدف آخر وهو تحقيق السعودة في القطاع الخاص وتشجيع السعوديين في القطاع العام للانتقال للقطاع الخاص؛ وبالفعل جاء إصدار نظام جديد يحمل اسم نظام العمل دون إشارة إلى العمال؛ لأن الهدف هو تنظيم سوق العمل والعلاقة التعاقدية التي يجب أن تنشأ وفق ما يحدده نظام العمل من قواعد عامة يجب عدم مخالفتها.
وقد جرى التعديل على مواد النظام الأكثر حساسية وهي التي تضع علاقة الطرفين على المحك ومنها المادة 77 التي أحدثت نقاشا وجدلا تباينت فيه الآراء بشكل واضح، حيث تنص على أنه "ما لم يتضمن العقد تعويضا محددا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضا بمقدار أجر 15 يوما عن كل سنة من سنوات خدمة العامل إذا كان العقد غير محدد المدة، وأجر المدة الباقية إذا كان العقد محدد المدة، ويجب ألا يقل التعويض في هذه المادة عن أجر العامل لمدة شهرين"
ويرى العمال أن هذه المادة توفر الغطاء القانوني للفصل التعسفي لأنها تعالج إنهاء العقد لسبب غير مشروع وتعطي للعامل تعويضا زهيدا وهو أجر 15 يوما عن كل سنة بينما يرى أصحاب الأعمال أنها تعطيهم حرية التصرف دون قيود قانونية تجعل قرار إنهاء عقد العامل خاضعا لاحتمال التعويض المبالغ فيه، ويبقى الإشكال هو هل نظام العمل يساوي بين السعودي وغير السعودي في ذلك أم أن هناك تفضيلا لطرف على آخر؟
نعم هناك توجه لدى اللجان العمالية بأن العامل غير السعودي يجب أن يكون عقده محدد المدة دائما لاعتبارات منها ارتباط العقد ببطاقة العمل ومنع وجود عمالة غير سعودية سائبة دون كفيل نظامي فعلي ولمحاربة سوق العمل السوداء التي ينشط فيها غير السعوديين وهذه ميزة لغير السعودي؛ لأنه لا يمكن إنهاء عقد غير السعودي إلا مع انتهاء مدته المحددة أو دفع جميع رواتبه عن باقي عقده.
وبحسب ما يعلن فإن التعديلات في نظام العمل تأتي متناسبة مع متغيرات سوق العمل، ولدعم وتنمية رأس المال البشري، وفي إطار الحرص على تقديم خدمات متطورة ومميزة، ورفع القدرة التنافسية لتعزيز وتنمية الاقتصاد السعودي، وفي الواقع فإن التعديلات بلغت 38 تعديلا تركز على إحداث تغييرات تدعم التوطين وتمنح امتيازات للمنشآت الموطنة، وتهتم بتدريب وتأهيل السعوديين وتوفير بيئة العمل المناسبة للمرأة ومراعاة ظروفها، كما تشمل تنظيمات لعمل المنشآت وعقود العمل لحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية. ومنع نقل العامل من مقر إقامته دون موافقته .. ولا يحق لصاحب العمل إنهاء عقده أثناء سريانه.

المزيد من مقالات الرأي