«جدوى»: «الدخل الاستثماري» المصدر الأساسي لنمو الإيرادات

«جدوى»: «الدخل الاستثماري» المصدر الأساسي لنمو الإيرادات
«جدوى»: «الدخل الاستثماري» المصدر الأساسي لنمو الإيرادات

أظهر تقرير اقتصادي أن عجز ميزانية عام 2016 البالغ قيمته 297 مليار ريال، أو 12.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يشير إلى تحسن واضح مقارنة بالعجز القياسي الذي تضمنته ميزانية عام 2015، الذي بلغت قيمته 362 مليار ريال، وجاء أقل من المبلغ المقرر في الموازنة، وهو أمر يحدث لأول مرة منذ عام 1998.
وأضاف التقرير أنه حتى لو تم الأخذ في الاعتبار مبلغ الـ 105 مليارات ريال التي تم دفعها كمستحقات للقطاع الخاص عن التزامات سابقة لعام 2016، يتبين أن نسبة تجاوز الإنفاق بلغت 10.7 في المائة عام 2016، وهي نسبة تقل كثيراً عن متوسط معدل تجاوز الإنفاق خلال الفترة بين عامي 2005 و2015 التي بلغت 24.4 في المائة.

#2#

ووفقاً للتقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار، فإن الإنفاق الرأسمالي المقرر زاد في الموازنة بدرجة كبيرة إلى 260 مليار ريال عام 2017، مقارنة بـ 76 مليار ريال في ميزانية عام 2016، وهذه الزيادة تشير إلى تركيز الحكومة القوي وعزمها على دعم نمو القطاع الخاص، كما تم تخصيص مبلغ 42 مليار ريال لمبادرات برنامج التحول الوطني، منها 30 مليار ريال تندرج تحت الإنفاق الرأسمالي.
كما تضمن بيان موازنة عام 2017 تفاصيل لبرنامج تحقيق التوازن المالي، وهو أحد البرامج المهمة في "رؤية المملكة 2030". هذا البرنامج يشتمل على جميع الإصلاحات المتعلقة بالوصول إلى موازنة متعادلة بحلول عام 2020، وتضمن إنشاء وحدة مهمتها ترقية الإيرادات غير النفطية ووحدة أخرى لترقية كفاءة الإنفاق العام. كذلك، اشتمل بيان الموازنة على شرح لعديد من المبادرات الواعدة التي تتسق مع رؤية المملكة 2030.
وقدّر بيان الموازنة الإيرادات غير النفطية بنحو 212 مليار ريال، بنمو كبير بلغ 17.8 في المائة و6.5 في المائة مقارنة بالإيرادات التقديرية والفعلية في ميزانية 2016، على التوالي.
وأوضح التقرير أن المصدر الأساسي لنمو الإيرادات سيكون هو الدخل الاستثماري، حيث يرجح أن يعزز صندوق الاستثمارات العامة عائدات الاستثمار بفضل فعالية أسلوبه في إدارة الثروة السيادية. كذلك، قدرت موازنة 2017 نموا كبيرا في رسوم ومصاريف الخدمات الأخرى، بما في ذلك فرض ضرائب على السلع الضارة.
من ناحية أخرى، جاء النمو السنوي في الإيرادات غير النفطية قوياً، لكن انخفاض أسعار النفط أدى إلى تراجع إجمالي الإيرادات 14.3 في المائة مقارنة بعام 2015.
ورأى التقرير أن سعر 52 دولاراً للبرميل لسلة صادر الخام السعودي (نحو 55 دولاراً للبرميل لخام برنت) ومتوسط إنتاج في حدود 10.1 مليون برميل في اليوم لعام 2017 يتسق مع تقديرات الإيرادات الواردة في الموازنة، كما أن الحكومة قدرت الموازنة وفقاً لالتزامها مع "أوبك"، الذي تم الاتفاق عليه في أكتوبر، لذلك ستخفض إنتاجها بنحو 300 ألف برميل يومياً، على أساس سنوي، لكن لا يزال السيناريو الأساسي للتوقعات هو 10.4 مليون برميل في اليوم، بناءً على عدد من المخاطر تتعلق بعدم التزام أعضاء "أوبك" الآخرين بالخفض، وليس المملكة، مما يؤدي إلى عدم تنفيذ اتفاق أوبك.
وبناءً على ذلك، توقع التقرير أن تتخطى الإيرادات الحكومية عام 2017 المستويات المقدرة في الموازنة، علاوة على أن التدابير الرامية لزيادة كفاءة الإنفاق ستجعل المصروفات الفعلية تتوافق مع المصروفات المقدرة في الموازنة التي تبلغ 890 مليار ريال. لذا توقع أن يأتي العجز الفعلي أقل مما هو مقدّر في الموازنة، وسيبلغ 162 مليار ريال (6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) بناءً على سعر للنفط عند 54.5 دولار للبرميل لخام برنت عام 2017.
وقررت الحكومة في موازنة 2017 العودة إلى التوسع في الإنفاق، حيث رفعت الإنفاق بنحو 50 مليار ريال ليصل إلى 890 مليار ريال. وهذا الإنفاق يدل على مرونة الحكومة بعد عامين عانت فيهما أسعار النفط هبوطا حادا، حيث بلغ متوسط أسعار خام برنت 43 دولاراً للبرميل عام 2016، متراجعاً من 52 دولاراً للبرميل عام 2015.
وأُعدت موازنة هذا العام بطريقة فريدة تخدم الأهداف الكلية لرؤية المملكة 2030، مع تركيز قوي على دعم تنويع الاقتصاد، وحماية الأسر ذات الدخل الضعيف من الزيادة الضرورية في أسعار الطاقة، والإنفاق على البنيات التحتية الأساسية المادية والاجتماعية. ونعتقد أن أرقام موازنة عام 2017 جاءت أقل تحفظاً مقارنة بالأعوام السابقة، بناءً على المعطيات الأساسية لأسعار النفط، لكن سياسة ضبط الإنفاق التي اتبعتها الحكومة عام 2016 تشير إلى أنه سيكون هناك التزام صارم حتى يكون الإنفاق الفعلي في حدود المبلغ المقرر في الموازنة، الذي يبلغ 890 مليار ريال.
ويتوقع أن تتجه الحكومة أكثر نحو مراقبة الإنفاق الجاري والإنفاق الرأسمالي على حدّ سواء، لزيادة الكفاءة التشغيلية. وقد أنشأت الحكومة مكتب مراقبة الكفاءة عام 2016 لهذا الغرض، حيث أشار بيان الموازنة إلى توفير نحو 79 مليار ريال من مراجعة عديد من المشاريع المخططة والجاري تنفيذها.
كذلك، شهدت المملكة بالفعل خفض بدلات منسوبي القطاع العام في أكتوبر 2016، الذي يوفر حسب التقديرات نحو 55 مليار ريال في العام، ما يساعد على تحقيق هدف برنامج التحول الوطني الذي يسعى إلى خفض نسبة الإنفاق على المرتبات من 45 في المائة إلى 40 في المائة عام 2020.
ونتيجة لذلك، بلغ إجمالي الإنفاق الفعلي 825 مليار ريال عام 2016، وجاء دون المبلغ المقرر في الميزانية، وهو ما يحدث لأول مرة منذ عام 1998. وحتى لو أخذنا في الاعتبار مبلغ الـ 105 مليارات ريال التي تم دفعها كمستحقات للقطاع الخاص عن التزامات سابقة لعام 2016، يتبين أن نسبة تجاوز الإنفاق بلغت 10.7 في المائة عام 2016، وهي نسبة تقل كثيراً عن متوسط معدل تجاوز الإنفاق خلال الفترة بين عامي 2005 و2015 التي بلغت 24.4 في المائة.
كما تضمن بيان الموازنة عديدا من مبادرات برنامج التحول الوطني التي تهدف إلى زيادة ضبط الإنفاق الرأسمالي، وتشمل تقليص الفرق في تكلفة المشاريع من 35 في المائة إلى 10 في المائة بحلول عام 2020.
كذلك تم الإعلان عن مبادرات لتنويع الدخل، وتشمل فرض ضرائب منتقاة عام 2017، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة عام 2018، ما يؤدي إلى تعزيز هيكل الموازنة، وبالتالي وضع الموازنة العامة للمملكة في مسار مالي أكثر استدامة.
وأقرت المملكة لعام 2017 ثالث موازنة على التوالي تتضمن عجزاً، بلغت قيمته 367 مليار ريال، مقارنة بعجز بقيمة 145 مليار ريال عام 2015 و326 مليار ريال عام 2016.
وفي ظل التفاؤل إزاء التوقعات لأسواق النفط العالمية، والاتجاه القوي لزيادة الإيرادات غير النفطية، اشتملت تقديرات الموازنة على زيادة في الإيرادات 34.7 في المائة. أما بالنسبة للإنفاق، فيتوقع أن ينمو 6 في المائة مقارنة بميزانية العام السابق.
وفي أعقاب إصدار المملكة أول سندات دين خارجي بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر 2016، أشار بيان الموازنة بوضوح إلى أن الحكومة ستسعى للحصول على 120 مليار ريال عن طريق إصدار سندات دين جديدة عام 2017، وسينتج عن ذلك وصول إجمالي الدين إلى 433 مليار ريال (16.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) في نهاية عام 2017.
وفي هذا الصدد، ذكر مسؤولون حكوميون أن 70 مليار ريال ستأتي من إصدار سندات دين محلي، والمبلغ المتبقي وهو 50 مليار ريال (13 مليار دولار) هي سندات دولية جديدة عام 2017. ونعتقد أن تمويل العجز في موازنة عام 2017 سيبقى يزاوج بين السحب من احتياطي ودائع الحكومة وزيادة إصدار سندات الدين المحلية والخارجية.
ووفقاً لأحدث البيانات المتوافرة، بلغ صافي الموجودات الأجنبية لـ ”ساما“ في نهاية أكتوبر نحو 536 مليار دولار (2028 مليار ريال). في الواقع، توفر هذه الاحتياطيات الضخمة التي يمكن للحكومة اللجوء إليها ميزة للمملكة عن معظم الدول الأخرى في تلافي تأثير الأسعار المتدنية للنفط. كذلك، يشير تحويل 100 مليار ريال من حسابات الحكومة لدى ”ساما“ إلى صندوق الاستثمارات العامة في نوفمبر إلى عزم الحكومة على تعظيم العائدات الاستثمارية، وتوفير مزيد من الحماية للثروة السيادية.
وكذلك، ستوفر سلسلة إصدارات سندات الدين المحلية (نحو 20 مليار في الشهر الواحد منذ سبتمبر)، إلى جانب إصدار أول سندات دين خارجي في أكتوبر، الذي بلغت قيمته 17.5 مليار دولار، الأموال الكافية للحكومة للاستمرار في تمويل المشاريع الاستراتيجية، كتطوير البنيات التحتية الرئيسة التي تشمل النقل والإسكان والكهرباء والمياه، وكذلك دعم القطاع الخاص في حال حاجته للمساندة.
ورأى التقرير أن الحكومة ستعتمد بصورة متزايدة على السندات لتمويل إنفاقها المستقبلي، حيث يهدف برنامج التحول الوطني إلى جعل الدين العام يصل إلى 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، مرتفعاً من 13.2 في المائة عام 2016، وهو ما يعادل متوسط إصدار سنوي (داخلي وخارجي) بمبلغ 163.3 مليار ريال للفترة من عام 2017 إلى عام 2020.
يذكر أنه على الرغم من الفرصة المتاحة للحكومة لزيادة الدين إلى تلك المستويات على أساس سنوي، لكنها اختارت رفع الدين بحجم أصغر عام 2017، أي بمبلغ 120 مليار ريال. كذلك، يتوقع أن تعاود الحكومة برنامجها لإصدار سندات الدين المحلي، التي يرجح أن يتم تسعيرها حسب السوق، ما يؤدي إلى إنشاء مؤشر موثوق لقياس العائد.

الأكثر قراءة