تحويل طلبات الآخرين إلى منفعة متبادلة
هل تبدو مثل هذه العبارات التالية مألوفة بالنسبة لك؟ "هل لديك الوقت لاحتساء فنجان قهوة خلال الأسابيع القليلة المقبلة؟"، "إنني أرغب في الحصول على معلومات أكثر عن مجال عملك"، "أرغب في الحصول على مشورتك بخصوص مسيرتي المهنية"، "أرغب في معرفة رأيك بخصوص مشروعي الجديد"، "أرغب في تعريفك على فائدة الخدمات التي في إمكاننا تقديمها لك".
قمت برصد بعض الرسائل المستلمة على بريدي الإلكتروني، حيث عادة ما يصلني عديد من الاستفسارات بشكل يومي، وعلى الأرجح أنك تتسلم مثل هذه الرسائل إذا ما كنت تقوم بعملك بشكل جيد.
استجبت في المرة الأولى التي بدأت فيها تسلم مثل هذه الرسائل لدعوة على فنجان القهوة، لأتعرف أكثر عن كيفية تقديمي للمساعدة، حيث كنت شخصا مجاملا ومستجدا آنذاك، ولكن سرعان ما بدأت بتفاديها مع مرور الوقت. واستعضت عن لقاء الأشخاص بشكل شخصي بمكالمة هاتفية، ومن ثم بدأت مدة المكالمات تقصر، إلى أن أصبحت في نهاية الأمر أقوم بحذف الرسائل، أو إهمالها في بريدي الإلكتروني إلى أجل غير مسمى.
بررت عدم استجابتي لمثل هذه الرسائل لضيق الوقت، فهو أثمن ما نملكه، ويجب معرفة أولوياتنا والعمل عليها بحسب أهميتها. ولكن ذلك لم يتناسب مع شخصيتي، فغالبا ما أجد فرصا في أماكن غير متوقعة. فاستجبت لجميع الرسائل الواردة على مدار شهر كامل، مبديا حماستي ومستخدما قالبا واحدا للرد على هذه الرسائل قمت بتعديله ليتناسب مع كل طلب. وقبل الاستجابة لطلباتهم، اشترطت على كل شخص مساعدتي بطريقة بسيطة في أمر يعتبر ضمن أولوياتي. سأتمكن بطلبي هذا من التعرف على مدى جدية الأشخاص بطلبهم للمساعدة، وربما غير المهتمين بمساعدتي في المقابل. كانت التجربة مثيرة للاهتمام، حيث لم أكن متأكدا من محتوى الردود التي سأحصل عليها.
قد تتساءل أي نوع من المساعدة يمكن لشخص غريب على الإنترنت تقديمها؟ غالبا ما كانت طلباتي تتمحور حول أمور مثل: زيارة موقعنا الإلكتروني والتسجيل فيه، وإبداء رأيهم في طريقتنا في جذب عملاء جدد، أو بنصح أحد أصدقائهم بخدماتنا. ووصل الأمر إلى أن أطلب من أحد الأشخاص مساعدتي على التفكير في نوعية المساعدة التي يستطيع تقديمها.
في النهاية اتضح أن هؤلاء الأشخاص كانوا سعداء بمساعدتي. ووجدت فائدة من هذه الرسائل غير المرغوب فيها! حيث لم يترددوا في الاستجابة لطلبي بما أنهم كانوا يسعون للحصول على مساعدتي في المقابل، فتبادل المصالح كان أمرا عادلا بالنسبة لهم.
وجدت مزايا غير متوقعة من استجابتي للرسائل الواردة، حيث يصبح للحديث قيمة أكبر عندما نتواصل، على اعتبار أنهم خصصوا وقتا لإبداء رأيهم في المنتج الذي نقدمه أو للتسجيل في الموقع، إضافة إلى السمعة الحسنة التي بنيتها كشخص متجاوب ويحب المساعدة. وبالتالي سيتكلم هؤلاء الأشخاص عني بطريقة إيجابية أمام الآخرين. أما بالنسبة لطالبي العمل أو الأشخاص العاملين في المبيعات، الذين لم يستطيعوا تقديم شيء، فقد أعطوا مؤشرا واضحا على أنهم لا يشاركوننا الفكر والثقافة أنفسهما.