أحاسيس للبيع .. شعراء «تويتر» يعرضون البيت بـ 50 ريالا

أحاسيس للبيع .. شعراء «تويتر» يعرضون البيت بـ 50 ريالا

أحاسيس للبيع .. شعراء «تويتر» يعرضون البيت بـ 50 ريالا
زيادة عدد الحسابات المختصة ببيع القصائد على مواقع التواصل الاجتماعي، هوى بالأسعار.
أحاسيس للبيع .. شعراء «تويتر» يعرضون البيت بـ 50 ريالا
طرق مبتكرة للدعاية والتسويق علنا.

تقول الحقائق التاريخية عن شعراء شبه الجزيرة العربية "إنهم كان يرفضون بيع قصائدهم"، حيث كانوا ينظمون قصائد المديح ويلقونها بين يدي من يستحقها، أما الشعراء اليوم في عصر التقنية؛ فغدوا لا يتورعون عن بيع مديحهم وقصائدهم بأثمان زهيدة، لا تعدو بضع مئات من الريالات.

جولة في «تويتر»

جولة سريعة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، كفيلة بأن تلتقي فيها بعشرات المعرّفات باسم "قصايد للبيع"، و"بيع قصائد"، وآخرين كتبوا أسماءهم الصريحة لبيع قصائدهم، أحدهم وضع تحت اسمه عبارة "قصائد في أي غرض بأسلوب جزل .. وأضمن لك السرية التامة، وتستطيع نشرها في أي وسيلة إعلامية وإنشادها وكتابتها باسمك".

الأسعار إلى انخفاض

كشفت لنا جولة في "تويتر" انخفاض أسعار أبيات الشعر، بعد أن كانت الأسعار تصل إلى 800 ريال لقصيدة تتكون من عشرة أبيات، أصبح بيت الشعر الواحد يباع بـ 50 ريالاً، أي أن قصيدة الأبيات العشرة أصبحت تباع هذه الأيام بـ 500 ريال، وذلك لعوامل عدة يشرحها لـ "الاقتصادية" خالد ع. وهو شاعر يعرّف نفسه بأنه كاتب مبدع في المدح والترحيب والغزل والهجاء، الذي أكد أن بعض الشعراء أصبحوا يسرقون قصائد زملائهم ويبيعونها، مبيناً أن زيادة عدد الحسابات المختصة ببيع القصائد على مواقع التواصل الاجتماعي، هوى بالأسعار بأكثر من 30 في المائة، لكنه يرجح عودتها إلى سابق عهدها نتيجة زيادة الطلب في إجازة منتصف العام الدراسي، وإجازة نهاية العام، بما فيها الأعياد.

لكن شاعرنا يشدد على أن قصائده ليست متشابهة كما يفعل زملاؤه الآخرون، فكل "زبون" له قصيدة يتميز بها عن غيره، بخلاف غيره من الشعراء الذين يبيعون القصائد إلى أكثر من زبون، خاصة إن تشابهت الأسماء المذكورة في القصيدة، أو تشابهت الكنية واللقب. وعن عمليات البيع التي ينجح في إتمامها الشاعر الواحد، يقول خالد "إنه يبيع شهرياً كحد أدنى نحو 100 بيت، موزعة على عشر قصائد، لكنه في المقابل باع قبل أشهر قليلة قصيدة مطولة من 50 بيتاً"، وقال "إن زميلاً له، شاعرا يقطن في المنطقة الغربية، باع نحو عشر قصائد لشاعر معروف في الساحة الشعرية"، مرجحاً أن الأخير سيضم هذه القصائد إلى ديوانه الجديد بعد إجراء بعض التعديلات عليها.
#2#
الشاعر خالد ع.، الذي رفض الكشف عن اسمه، خشية النظرة السلبية التي قد تعتلي وجوه محبيه تجاهه، يؤكد أن بيع القصائد يعد مصدر دخل إضافي له بعد وظيفته في إحدى مؤسسات الدولة، وهي تساعده على التزاماته المادية، خصوصاً بعد القرارات الحكومية الأخيرة بإلغاء بعض البدلات، لكنها ليست وسيلة للكسب والثراء السريع كما يروّج البعض.

عملية البيع

عادة ما تتم عملية البيع بنظام مألوف لا يخرج عنه كافة الشعراء في "تويتر"، إذ تبدأ عملية البيع بشرح المشتري نوع القصيدة وموضوعها للشاعر "ترحيب، مديح، هجاء، غزل، فراق، نجاح، رثاء، ووطني"، وعدد الأبيات، وذلك عبر وسيلة التواصل، وهي إما رسائل خاصة عبر "تويتر"، أو رقم هاتف الشاعر الذي يضعه على معرّفه بـ "تويتر"، ثم يرسل الشاعر بضعة أبيات من القصيدة لإبداء الرأي حولها، وإن أبدى الزبون إعجابه؛ يطلب الشاعر منه إيداع المبلغ كاملاً في حسابه البنكي، كي يزوده بالقصيدة كاملة.

أما عن القصائد الأكثر طلباً، فإن معظم التعليقات التي ترد لمعرّفات "تويتر" الخاصة ببيع الشعر، كانت تطلب بيع قصائد المدح في الشخصيات العامة، أو مديح الزوج والزوجة.
وحول جودة القصيدة ومحتواها، فإن المحتوى - بحسب مغردين - قد يبدو متشابهاً، ولا تصل القصيدة بصاحبها إلى الشهرة، لكنها تؤدي الغرض المطلوب منها.
ويحتاج الشاعر نحو يومين لنظم قصيدة تتألف من عشرة أبيات، أما الشعراء المحترفون فينظمون القصيدة في بضع ساعات فقط.

من جهته، كشف "موهوب شعرياً" كما يعرّف نفسه على "تويتر"، بأنه يجهّز مجموعة من قصائده، ويترك مكان اسم الشخص المحتفى به في قصيدة المديح شاغراً، وبذلك تكون القصيدة جاهزة للبيع المباشر، مضيفاً أنه "يشترط الدفع مقدماً قبل بيع القصيدة".
ويبرر "موهوب شعرياً" بيعه القصائد بأنه يترجم مشاعر الناس إلى كلام بوزن وقافية، ولا ضير في بيعه هذه "الخدمة" - كما يصفها - إلى من يحتاج إليها ويدفع مقابلاً لها.
«هاشتاقات» تنتقد..

عدد من الهاشتاقات في "تويتر" وجهت سهامها نحو هؤلاء الشعراء، وانتقدت هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى وتطفو على السطح، إذ ينتقد قراء ومتذوقون للشعر ما وصل إليه حال الشعراء، فيما علل آخرون بأنه حق مشروع للشاعر، خصوصاً إن كانت هذه الطريقة مصدر دخله الوحيد. وأكد مغردون أن التكسب بالشعر وبيعه ظاهرة طبيعية، خصوصاً أن هناك كتّابا ومؤلفين دأبوا على بيع مقالاتهم، وحتى رواياتهم، ولا شك أن من فرّط في شعره وعرضه للبيع، لهو في حاجة ماسة إلى المال، على حد تعبير مغردين.

وعتب أحد المغردين على الصحف والمجلات الثقافية المتخصصة، التي لا تفسح المجال أمام الشعراء الشباب لإبراز موهبتهم، وبالتالي يشعرون بالإحباط ويبيعون إنتاجهم الأدبي، فيما ذهب آخر إلى أن ظاهرة بيع القصائد تتم سرية وعلناً، وكانت تتم في الإمبراطورية الرومانية قديماً، إذ يقوم المصارعون والمتبارزون في الساحات ومدرجات روما، التي لا تزال شاهدة على تلك الحقبة إلى يومنا هذا، باستئجار شاعر كي يلقي مجموعة من الكلمات الحماسية أمام الملأ، وهجاء الخصم، وإبراز شجاعة المصارع كي يلفت الأنظار إليه، ويكسبه تشجيع الجمهور الذي يتجاوز 50 ألف مشجع. لكن غالبية المغردين ألقوا باللائمة على المشتري، الذي دفع ثمناً لشراء مشاعر وأحاسيس إنسان آخر، كما تساءلوا: كيف يبيع الشاعر إحساسه ولو كان المقابل ذهباً؟!

الأكثر قراءة