Author

نظام المنافسة السعودي .. الاندماجات والاستحواذات «1 من 2»

|
يرتكز العمل التجاري على عنصر المنافسة الذي يعد من أهم العناصر الأساسية التي تدفع الشركات إلى زيادة الإبداع والابتكار لتحقق أهدافها التي تصبو إليها. ومن دون الخوض في فلسفات المنافسة وتقييم إيجابياتها وسلبياتها أو في نطاق قوانين المنافسة الذي سيكون له موضعه- بعون الله تعالى- فإن هذه المقالة تهدف إلى إلقاء ضوء خفيف يوضح جزئية من جزئيات أنظمة المنافسة، وهي طلبات التركز الاقتصادي التي تتقاطع فيه مع واحدة من أهم عمليات واستراتيجيات الشركات؛ ألا وهي عمليات الاندماج والاستحواذ. وقبل الحديث عن موضوع هذه المقالة، فإن من المهم إدراكه هو أن نظام المنافسة السعودي يعد نظاما شابا ولد عام 1425هـ، وتم تعديله عام 1435هـ. لذلك يعد عدد من المفاهيم والإجراءات المتعلقة بالمنافسة مفاهيم وإجراءات جديدة على السوق السعودية أو البيئة السعودية، وبالتالي نقف أمام عدة أمور تسترعي اهتماما عاليا وتأملا دقيقا أهمها: الأول: إنه وإن كان نظام المنافسة السعودي قد استفاد ولا يزال يستفيد مما وصلت إليه تجارب الدول الأخرى، إلا أن قانون/قوانين المنافسة في عدد من الدول مر/مرت بتحولات وتطورات وتعديلات وتجارب على مدار عشرات السنين كما هو الحال في قانون المنافسة الأمريكي (قانون شيرمان) الذي صدر عام 1890، أي قبل ما يقارب 126 عاما. أي أن قانون المنافسة مر بتحديثات تتوافق مع ظروف الدولة واقتصادها وسوقها تشكلت من خلاله فلسفات ونظريات انعكست على شكل القانون الحالي. معنى ذلك أن نظام المنافسة السعودي في بدايات الخطوات نحو تكوين نظام منافسة يعتمد على فلسفات اقتصادية محددة تتلاءم مع طبيعة اقتصاد البلد. الثاني: كما أن نظام المنافسة يعد نظاما حديثا في السعودية فإنه بحاجة إلى المختصين في الجوانب الاقتصادية والقانونية بهدف تطوير التطبيقات والوعي من خلال الدراسات والبحوث والممارسات ذات العلاقة بالمنافسة والمؤثرة فيها. قانون المنافسة يعتمد بشكل أساس على الاقتصاد وتحديدا الاقتصاد الجزئي أو ما اصطلح على تسميته باقتصاد الصناعة الذي يعنى بعدد من المسائل، من ضمنها أشكال السوق وحجمها وطريقة قياس حجمها وآثار كل شكل. تتقاطع عمليات الاندماج والاستحواذ تحديدا -التي أدرجها نظام المنافسة السعودي ضمن ما أسماه بالتركز الاقتصادي- مع نظام المنافسة بالذات عندما ينتج عن هذه العمليات نوع من الهيمنة ما يشكل مخاوف على السوق الذي بدوره يدفع هيئات/لجان/مجالس المنافسة لاتخاذ تدابير للحيلولة دون إعاقة السوق التنافسية. لذلك، تقوم قوانين المنافسة بوضع خطوة احترازية لعمليات الاندماج الاستحواذ من خلال وضع سقف أو معيار بمجرد تجاوز حجم الصفقة لهذا السقف، فإنه يجب أن يتم إخطار هيئة/لجنة/مجلس المنافسة لتتم دراسته ضمن مدة محددة يحددها قانون المنافسة، ومن ثم يتم إصدار قرار بذلك، بالسماح للصفقة أو بالمنع منها أو بالسماح بها بشروط، وهي مسألة سيتم الحديث عنها بشكل مستقل. تلجأ قوانين المنافسة عادة إلى وضع معيار (مالي) يعتمد فيه على حجم الصفقة أو حجم الأطراف في الصفقة أو حجم مبيعات إحداهما أو كلتيهما أو العائد/الدخل الإجمالي لأطراف الصفقة من خلال القيمة المالية لما سبق. وفي المقال القادم سيتم التطرق إلى المعيار الذي طبق في نظام المنافسة السعودي.
إنشرها