Author

الصندوق العجيب

|
أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 612 حافز السبت احلم، وتابع الحلم بأنك يمكن أن تكون رائدا من الرواد، وعش الحلم وصدقه.. وسيصدقك العالم. الرأي أجمل ما في العقل الإنساني قدرته على الحلم، أحلام اليقظة. الأحلام مهما بعدت ومهما ناءت بأسطوريتها أو خرافيتها إلا أنها دليل بديع على الابتكار والإيجاد البشريين، فالحالم يصنع عالما جديدا يضع نفسه بمنتصف دائرته ويدور عليه القطر بالكامل. لو غيرت ما قاله ديكارت الفرنسي الشكاك: "أنا أفكر إذن أنا موجود" لوضعت: "أنا أحلم إذن أنا موجود". والأحلام تتحقق كلما كان الإصرار عملا جادا وحميميا وحارا وحماسيا، وكلمة غريب هنا وكأنه يتحقق بسهولة، والحقيقة أن منظومة الكون بناها الله على العمل ونتيجة العمل. في الغرب مثل جميل يقول: "كلما حلمت بشيء وعملت لتحقيقه جادا منتجا، فإن عناصر الكون تتآمر من أجلك لتحقيقه". المهم أن تحلم، بل حقيق عليك أن تحلم، وهناك فرق بين القدرة على الحلم والذكاء، فالأذكياء بلا حلم يقضون حياة رتيبة بالمسطرة والفرجار بالتزام منطقي صار. بينما الحالمون يخرجون على حدود القوانين وتحوم القدرة العادية، ودائرة الراحة القريبة، وتكون آفاق قولهم فسيحة، فسيحة جدا، والسبب: أن الأخيرين قدروا على ارتكاب الأحلام. الواقع في صغري كنت أحلم أن أكون كاتبا أو رساما شهيرا، لم أحلم بالأعمال رغم أن طبع أهل قومي التجارة التي تجري مع مركبات دمائهم. وعشت الحلم وصدقته، وكتبت قصة في السادسة الابتدائية بعنوان: "الخروج من الشرنقة". وملأت دفترا من 80 صفحة وبقيت معي القصة، وكتبت متابعة لها لما خرج بطلها يدرس خارج المملكة في نهاية المتوسطة، ثم بقيت معي حتى الجامعة وملأت 80 صفحة عن البطل لما عاد بعد الدراسة. تطوع أحد الأصدقاء بإعطاء قصتي المتسلسلة من 240 صفحة لشخص قال إنه ناشر من جنسية عربية، واختفى الشخص واختفت قصتي معه. ولم يكن ذلك علي سهلا، وكأن يدا امتدت لقلبي ونزعت أحشاءه حتى أني مرضت ونومت في مستشفى. وبقيت بي غصة المرارة حتى الآن وأنا أكتب هذه السطور، عرفت فيما بعد أن الذي سلمني لإعصار من الحزن والألم ليس فقدان القصة بحد ذاتها بل لأن حلمي سرق. حلمي بأن تنشر قصتي التي بدأت ترجمتها بنفسي للإنجليزية وأنهيت 40 صفحة من الجزء الأول، حالما بشهرة عالمية عريضة، وكان لي الحق في هذا الحلم، وأملك بما أظن أداته الأولى.. ولكن حلمي اغتيل قبل أن يظهر. بعدها ألفت كثيرا في مواضيع كثيرة مع قصة ملحمية لرجل حلم أن يخرج من قريته في نجد في بداية العشرينيات ليذهب للهند ويعيش مع أكابرها ويشهد الصراع ضد الإنجليز وانقسام القارة الهندية في عام 1974 ميلادية. وأصابتني عقدة ارتدادية وامتنعت تماما عن النشر. حتى أن كتابا معرفيا خرج لي بعنوان "نزهة في سبعة أيام"، جمع من قبل مهتمين ونشرته دار نشر كويتية وباعت كل نسخه في الرياض. ولم أشعر بشيء. لقد سرقوا مني أهم شيء. شخصية الأسبوع صندوق الأمير سلطان للتنمية، المرأة أطلقت عليه اسم الصندوق العجيب. من الخارج يبدو مبنى صغيرا في المنطقة الصناعية الأولى بالدمام.. استقبلني الصديقان العزيزان حسن الجاسر وهناء الزهير وهما أكثر من رأيت توافقا في العلم والتفكير والتناسق والتنسيق بالعمل.. حتى الحلم المشترك، فحققا أمورا لا أظن أنهما حتى بأحلامهما ظنا أن يوفقا كل هذا التوفيق في زمن يسير تناسبا مع مخرجاتهم المدهشة من باقات التدريب التطبيعي. أما لماذا أصفه "تطبيعيا" فلأن المتدربات لا يشعرن بأنهن بفصل نظري بل في قلب السوق، ككتيبة تجهز تجهيزا كاملا لخوض معركة حقيقية، ووشيكة. دخلت معهما المبنى فإذا هو مثل قصص الخرافات كمغارة علي بابا؛ مدخل ضيق ثم مغارة تمتد داخل الجبل واسعة وكأنها لا تنتهي.. ومليئة بالكنوز. أما كنوزها فهي أهم كنوز على الإطلاق؛ عنصرهما الثمينان: الإنسان والحلم. فتيات بمشاريع متعددة وإبداعية وناجحة وبعضها كالخيال.. إنهن فتيات حلمن، وصدقن حلمهن، وصدق حسن الجاسر وهناء الزهير أحلامهن، فصار الحلم حقيقة ما زال عمادها وجوهرها وأصلها يدور على عماد الحلم. والمهم حينما تحلم.. فليكن حلمك كبيرا.. فإن كسبت، وإلا لن تخسر أبدا.
إنشرها