ولا تزال المؤامرات مستمرة ضد مصر
خلال الأزمة التي مرت بها البحرين في فبراير 2011 حينما حاولت مجموعة من أبنائها استنساخ ما عرف كذبا ودجلا بـ "ثورات الربيع العربي"، خرج علينا واحد من تلك المجموعة ــ وهو شخصية تحمل حقيبتها وتتجول في مختلف عواصم العالم مدعية الدفاع عن حقوق الإنسان والانتصار للمظلومين، لكن دون أن تنطق بكلمة واحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية الجريحة أو إيران المكتوية بنظام الملالي الجائر أو لبنان المكبل بقيود حزب الله الإرهابي ــ ليقول في مقابلة له مع إحدى الصحف الكويتية ما مفاده أنه لإسقاط أي نظام سياسي يجب البدء أولا بضرب اقتصاده وتخريبه.
من تلك اللحظة تيقنا أن ما تقوم به جماعته من جمعيات سياسية دينية طائفية وأخرى يسارية ماركسية، وثالثة قومية أو قوموماركسية من شغب يومي واعتداءات وإشعال للفتن والحرائق هدفه ضرب الاقتصاد البحريني المنيع وإضعافه كي يسهل الانقضاض على نظامه السياسي الشرعي. وبعبارة أخرى كان الهدف من تلك الممارسات العبثية هو تحويل البحرين من بلد جاذب للمستثمرين والمصارف ورجال الأعمال والسياح إلى بلد طارد لهم دونما أدنى اكتراث بالعواقب والتداعيات السلبية لهذا العمل الجنوني على الحالة المعيشية والوظيفية للمواطن البحريني الذي تدعي هذه الشخصية الفاشلة وجمعيته السياسية الخبيثة أنهما يناضلان من أجل إسعاده ورفاهيته.
ويبدو أن جماعة الإخوان المسلمين المتعطشة للسلطة في مصر المحروسة، وليس أي شيء آخر فيها سوى السلطة، تمارس اليوم ما مارسته الجماعات البحرينية التي اصطلح على تسميتها بـ "جماعة الدوار"، على الرغم من الفارق بين التوجه الأيديولوجي / المذهبي للجماعتين. وآية ذلك أن الجماعة المصرية تقوم اليوم بحرب دعائية إعلامية إلكترونية ممنهجة ضد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، مستخدمة كل منصات التواصل الاجتماعي للإضرار بالاقتصاد المصري.
ولئن كانت الحملة الأخيرة ضد المنتجات الزراعية المصرية ووصفها بالموبوءة والمسببة لداء الكبد الوبائي بدعوى أنها تروى بمياه المجاري هي إحدى صور حملات جماعة الإخوان المسلمين وأجهزتهم الدعائية لتحريض دول العالم على مقاطعة المنتج الزراعي المصري كي تتكبد الخزانة المصرية مليارات الدولارات من الخسائر، فقد سبقتها حملات مماثلة وللأهداف الخبيثة نفسها. من أمثلة ذاك، الحملة على القطاع السياحي المصري بعيد حادثة إسقاط الطائرة الروسية قرب العريش في أكتوبر 2015 التي حاولت الجماعة استغلالها للقول إن المطارات المصرية وأجهزتها الأمنية غير كفؤة أو مخترقة، فكفوا عن السفر إلى مصر للسياحة. ثم جاءت كارثة تحطم طائرة مصر للطيران قبالة السواحل اليونانية، وتبعتها عملية اختطاف طائرة أخرى إلى قبرص في مايو 2016. وهنا أيضا تحركت الأجهزة الدعائية الإخوانية لتقول للعالم إن الناقلة الجوية المصرية غير آمنة فلا تسافروا عليها وتجنبوها.
ومن الأمثلة الأخرى في هذا السياق، التي استغلها إخوان مصر وأذنابهم ببراعة للإضرار بسمعة وطنهم ومواطنيهم حادثة مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي "جوليو ريجيني" في فبراير 2016 في القاهرة، وحادثة اختطاف رجل الأعمال السعودي حسن علي أحمد سند على طريق القاهرة ـ الإسماعيلية الصحراوي في أبريل 2016. ففي كلتا الحادثتين كان هدف الحملة الإخوانية واحد وهو إيصال رسالة إلى السائح الغربي والمستثمر الخليجي مفادها أن مصر لم تعد صالحة، لا للسياحة ولا للاستثمار، فلا تذهبوا إليها لأنها ذات بيئة تسودها الفوضى والانفلات الأمني وفتشوا عن غيرها.
الغريب هنا أن مثل هذه الدعاية الإخوانية السلبية ضد مصر واقتصادها انطلت على كثيرين، بمن فيهم أولئك الذين لا يقفون مع الإخوان المسلمين في خندق فكري واحد، بدليل أن هؤلاء يتبادلون الخزعبلات والفبركات الإخوانية ويتولون نشرها دون تمحيص على أوسع نطاق مستخدمين منصات التواصل الاجتماعي والمنابر الإلكترونية، فيتحولون بذلك إلى ذراع إعلامية إضافية للإخوان من حيث لا يدرون.
فرأفة بمصر وشعبها واقتصادها المثقل بما لا طاقة لأحد على تحمله من تحديات وأعباء. فإن سقطت مصر ـ لا سمح الله ــ في أتون الفوضى والدمار كما تسعى إليه جماعة الإخوان المسلمين ومن في حكمهم من دول وتنظيمات ولوبيات أجنبية فإن مصر ستلحق بسورية والعراق وليبيا واليمن وسيزداد العصر العربي الذي نعيشه انحطاطا فوق انحطاط.
وتذكروا قول شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته الخالدة "مصر تتحدث عن نفسها":
أنا إن قدر الإله مماتي
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي