Author

المتغيرات عربيا وخليجيا

|
تمر المنطقة بتحولات توحي بعدد من المتغيرات المستقبلية على الصعيد الأمني والاقتصادي وكذلك السياسي، وعند الحديث عن أمن الخليج يمكن الحديث عن أربعة مستويات متداخلة مع بعضها بعضا وتؤثر في بعضها بعضا، وهي المستوى الداخلي الوطني، والمستوى الداخلي الخليجي، والمستوى الإقليمي والمستوى الدولي. ينبغي التأكيد أن مفهوم الأمن أصبح ظاهرة متعددة المعاني، وعابرة للمجالات، فيمكن الحديث عن الأمن الاقتصادي، والأمن الصحي وكذلك الأمن الإقليمي إلى الأمن الدولي، أي أمن المجالات، وأمن المستويات، وغيرها من التقسيمات، والاجتهادات التي حاولت التنظير لمفهوم الأمن. بدءا من الدفاع عن الوطن ضد أي تهديد مرورا بتأمين المجتمع ضد أي تهديد وأخطار حتى توفير كل الأدوات اللازمة للدفاع عن الوطن ضد الأخطار، وتناولت تعريفات الأمن القومي، متناولة التنمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل حماية مضمونة. دارت تلك التعريفات حول عدة معان، منها دفع الخطر وتحييده، تعظيم قوة الدولة، والأهم هو البقاء. دوليا: يتغير المشهد مع انتقال جزء كبير من القوة العسكرية الصلبة إلى روسيا، مع تدخلاتها في دول عديدة مثل أوكرانيا وسورية، ومحاولتها كذلك إيجاد ضغط عسكري على حلف الناتو عبر إعادة توزيع صواريخها أو قواعدها، وفي الوقت ذاته، الدور المتراجع للولايات المتحدة في المنطقة، وتقاربها مع إيران من خلال بعض السياسات التي يمكن الاستشهاد بدورها خلال الاتفاقية النووية الإيرانية، والضغط الذي قامت به ضد المملكة إعلاميا، حتى أخيرا مع قانون جاستا – الذي يقوض السيادة الوطنية للدول بصفة عامة - الذي نقضه الرئيس الأمريكي في آخر لحظة، ولذا نرى تغيرا في قيادة العالم أمنيا وعسكريا أو محاولة لتغيير ذلك، كل هذا مع عدم وضوح للرؤية الأوروبية المتأثرة بالوضع الاقتصادي المضطرب. وعلى الرغم من ذلك، تظل هنالك فرص مستقبلية في تعزيز الأمن الإقليمي عبر تعميق أطر التعاون لا سيما مع الدول الأوروبية، وكذلك تعزيز العلاقات الخليجية الأوروبية للدفع نحو حلول للمنطقة، وفي الوقت نفسه إعادة تعريف العلاقة مع الفاعلين الدوليين، دون التنازل عن القيم الأساسية. إقليميا، تتباين أوضاع الدول العربية نحو الانكفاء، خاصة مع التحديات الداخلية الأمنية والاقتصادية مثل مصر ودول المغرب العربي، ومع التحديات العسكرية مثل ليبيا، وتتسع الأزمة فيما يتعلق بسورية والعراق نحو دول تتدهور فيها السيادة، مع زيادة الفاعلين الداخليين من جماعات مسلحة، وعدم قدرة الدولة، علاوة على العمليات العسكرية المستمرة، وهذا ما يجعل المنطقة تمر بمرحلة مفصلية من إعادة تشكيل للخريطة الجيوبوليتيكية وتحول المنطقة إلى منطقة توتر محدود في بعض المناطق، وآخر عال في مناطق أخرى. تظل هنالك بارقة أمل في العمل المشترك لا سيما على الصعيدين المجتمعي والاقتصادي عبر التنمية، وعبر العمل الإنساني للمناطق المنكوبة، وإعادة التأهيل والتعليم والاندماج للاجئين وبث الأمل، وتعتبر التنمية والتعليم مفتاحا مهما للتعاون العربي المشترك وإيجاد أمل جديد. على المستوى الخليجي، يظل هنالك بعض التحديات على رأسها التهديد الإيراني من ناحية، والوضع في اليمن من ناحية أخرى، وكلاهما يتطلب إدخال عناصر جديدة لمعادلة أدوات القوة في التعامل معها، ولا سيما الخطاب الدبلوماسي والسياسي، وكذلك النوعي عبر الدفع نحو تعزيز الفاعلين الداخليين. من جهة أخرى، الدفع نحو مزيد من التنسيق والوحدة الخليجية عامل مهم في استقرار دول الخليج كوحدة متحدة على المستوى السياسي والاقتصادي والمجتمعي. على المستوى الخليجي الداخلي، تشهد دول الخليج كثيرا من التغيرات الاقتصادية، وهذا يتطلب نوعا من تغيير السياسات لا سيما فيما يتعلق بالعمالة الوافدة ودراسة تأثيرها من ناحية، ومن ناحية أخرى إعادة دراسة السياسات الخاصة بفرض الضرائب المختلفة، حيث تؤثر مثل تلك الضرائب على المجتمع في حال استمرارها دون وجود بعض الخدمات التي تساعد على رفع الدخل للمواطن في ظل تناقص القوة الشرائية. يظهر هنالك عدد من الفرص المستقبلية، على المستوى الداخلي، عبر الاستثمار في رأس المال البشري والمواطن، عبر مساحة حرية اقتصادية وقانونية واجتماعية تعزز المواطنة في ظل التحديات والفرص المستقبلية.
إنشرها