خلال فترة إجازتي الأخيرة فجعت بخبر وفاة الأمير عبدالله بن فهد الفيصل الفرحان آل سعود (1355 - 1437هـ) - رحمه الله وغفر له -، وكانت وفاته محزنة لكل من عرفه لما تميز به من حسن الخلق والتواضع والأمانة والصدق مع التدين وحب الخير.

وقد عمل الراحل وكيلا لوالده أمين مدينة الرياض لمدة 13 سنة، في عهد الملك سعود، وبداية حكم الملك فيصل، وكان كوالده مثالا للنشاط والجد والمثابرة والنزاهة، وفي فترتيهما شهدت الأمانة عصرا متميزا في عملها وخدماتها.

وقد زرت الأمير عبدالله - رحمه الله - في السنة الأخيرة من عمره عدة مرات، وسجلت له عدة ساعات، إذ كنت أعمل على بحث يخص الفترة الزمنية من عام 1356هـ إلى عام 1386هـ، وهي فترة يعرف هو تاريخها جيدا. ومن خلال هذه الجلسات لاحظت فيه قوة الذاكرة ودقة الرواية، مع عفة اللسان، وكان يحدثني بما يعرفه جيدا، أما ما ليس متأكدا منه فلا يتحدث عنه.

ومما حدثني عنه قصة وفد الفاتيكان الذين جاؤوا إلى الملك عبدالعزيز في القصيم عام 1366هـ، وقابلوه في مدينة بريدة، وقدموا له مغريات مادية ومعنوية مقابل السماح لهم ببناء كنيسة في مدينة الظهران في المنطقة الشرقية، فرفض الملك ذلك رفضا تاما. والقصة رواها عمه الأمير عبدالله بن فيصل الفرحان آل سعود، الذي كان أميرا على القصيم حينها وكان شاهد عيان، رواها في كتاب “كنت مع عبدالعزيز”، ص 336، وذكر أن المترجم بين الملك والوفد كان عبدالعزيز بن معمر، لكن زاد الأمير عبدالله بن فهد الفيصل تفاصيل لم يذكرها عمه، منها أن رئيس الوزراء العراقي رشيد عالي الكيلاني، الذي كان لاجئا في السعودية حينها، اقترح على الملك عبدالعزيز الموافقة على طلبهم لما سيناله من مصالح مادية ومعنوية، فزاد ذلك من غضب الملك عبدالعزيز، وطلب من الكيلاني أن يذهب إلى جدة فورا، وأقله ابن حبيليص المطيري إلى هناك. كما أفادني أن المستشرق الشهير عبدالله فيلبي كان حاضرا، وأنه ذكر هذه القصة في إحدى مؤلفاته.

عاش الراحل عبدالله بن فهد الفيصل الفرحان في القصيم في فترة إمارة عمه عليها، وكان والده هو النائب، في فترة تجاوزت عشر سنوات حتى عام 1366هـ، وحدثني عن بدايات التعليم النظامي فيها، كما حدثني عن أوائل الأطباء العرب الذين قدموا إلى القصيم آنذاك، وطريقتهم في العمل، وكيف كانوا على درجة كبيرة من الحرص على علاج الناس والإخلاص في العمل.

أحاديثه ماتعة ومفيدة وروايته غاية في الدقة، وليت أني زرته أكثر، وليت..

ليت المنايا سلهمت عنه مقدار نقضي حسافات يلوجن بصدور