ولي ولي العهد يزور بكين لتعميق العلاقات السعودية الصينية
يبدأ الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، اليوم، زيارة رسمية للصين تستمر لمدة ثلاثة أيام، تلبية لدعوة من تشانج قاو لى نائب رئيس مجلس الدولة الصينى، حسب ما ذكرت وكالة "شينخوا" الصينية.
ونقلت الوكالة عن لو كانج المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أن ولي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الدولة الصينى يترأسان خلال الزيارة أول اجتماع للجنة الحكومية المشتركة بين الصين والسعودية.
وسيحضر ولي ولي العهد قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو في شرق الصين المقرر انعقادها يومي 4 و5 أيلول (سبتمبر).
وتكتسب زيارة ولي ولي العهد أهمية قصوى مما تطرحه من ملفات غاية في الأهمية في مختلف المجالات، وعلى رأسها الملفات الاقتصادية، بما فيها طرح "رؤية المملكة 2030".
ويرى مراقبون أن العلاقات الاقتصادية بين السعودية والصين أخذت طابعا استراتيجيا خلال الفترة الأخيرة، مشيرين إلى أن الاتفاقيات التي أعلنها مجلس الوزراء ويرجح أن يشهد ولي ولي العهد وزير الدفاع توقيعها، تعد نقلة نوعية للاستثمارات في المملكة تتواكب مع "رؤية السعودية 2030".
ويؤكد المراقبون أن هناك اهتماما كبيرا بالحضور والمشاركة من جانب قطاع الأعمال الصيني والقطاع الحكومي، خاصة مع زيارة الأمير محمد بن سلمان، وأنه ستكون هناك لقاءات متعددة على كل المستويات وتوقيع اتفاقيات تعزز العلاقة بين المملكة والصين، التي وصلت إلى مراحل جيدة خاصة أنه تربطهما مصالح مشتركة، في ظل حرص المملكة على تنميتها بعد اتساع الفرص الاستثمارية في "رؤية السعودية 2030" التي ستعطي دفعة قوية.
كما يلاحظ المراقبون أن العلاقة بين المملكة والصين أخذت خلال الفترة الأخيرة طابعا استراتيجيا بعد أن كانت تقتصر على التبادل التجاري بين الطرفين، فبعد زيارة رئيس الصين إلى المملكة تم تطوير العلاقات بين الطرفين والآن زيارة ولي ولي العهد تدل على توسيع دائرة العلاقات بين الطرفين، فلا يمكن أن تستمر العلاقة بين الطرفين في التبادل التجاري فقط.
ومنحت المملكة المستثمرين الصينيين امتيازات كثيرة، أهمها استبعادهم من تصنيف المقاولين، وسهولة دخول الأفراد للمملكة، فيما وعد وزير الخارجية الصيني المستثمرين السعوديين بالحصول على امتيازات خاصة تسهل وتذلل المعوقات أمامهم.
وتحظى المملكة باهتمام كبير من قبل الصين خاصة موقعها الجغرافي لمشروع الصين "طريق الحرير"، وهو مشروع صيني ورؤية صينية تعمل على تنمية العلاقات بين الطرفين، خاصة بعد اطلاعها على "رؤية 2030"، ورغبة الجانب الصيني في أن يكون لها دور في تطبيق الرؤية والاستفادة منها، خاصة أن الصين والمملكة تمثلان قوة اقتصادية كبرى، ويحظى كلا الطرفين بثقل واستقرار اقتصادي في ظل الاضطرابات التي تعانيها الاقتصادات العالمية.
وستساعد زيارة ولي ولي العهد إلى الصين على تقوية العلاقات بين الطرفين، فالاتفاقيات التي من المتوقع أن تبرم خلال زيارة ولي العهد، التي تتضمن نقل التقنية وتخزين النفط والطاقة، ستحدث نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي وتعمل على زيادة قوته".
وسيساعد تخزين النفط على عملية التوازن في السوق، وقد يكون للمملكة رفع التصدير أو خفضه عوضا عن بيعه فور استخراجه، خاصة مع دخول أسواق جديدة لسوق النفط. وستدعم هذه الاستثمارات القطاع الخاص الذي يعد شريكا استراتيجيا في تطبيق "رؤية 2030"، وفرصة له في الدخول باستثمارات جديدة ونوعية.
ويقول لي تشنج ون السفير الصيني لدى الرياض إنه على الرغم من أن السعودية كانت آخر الدول العربية في البدء بعلاقات دبلوماسية مع الصين، فقد استطاعت الصين والسعودية خلال السنوات الأخيرة تحقيق العديد من خطوات التطور النوعي في بناء العلاقات، مؤكدا أن السنوات الأخيرة شهدت العديد من مجالات التبادل التجاري بين البلدين إلى جانب التعاون الثقافي.
ووفقا للسفير الصيني فإن الدولتين تتمتعان بتكامل اقتصادي ضخم، ولديهما قدرات كبيرة للتعاون، حيث إن السعودية دولة غنية بالطاقة، بينما تعتبر الصين دولة مصنعة كبيرة لكنها تحتاج إلى المزيد من الطاقة من أجل النمو المستدام.
ويعتقد لي تشنج أنه بإمكان الطرفين تحقيق المنافع المتبادلة في إطار مبادرة الصين "الحزام والطريق"، مشيرا إلى أن الرياض قد انضمت إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وأعربت عن رغبتها في أن تكون جزءا من مبادرة الحزام والطريق، وهذا يدل على إعادة هيكلة اقتصادها في عصر يتوقع أن تظل أسعار النفط فيه منخفضة.
وعن آفاق العلاقات بين بكين والرياض، قال السفير الصيني إن الصين والسعودية تمثلان حضارتين عظيمتين، وبإمكانهما تعزيز الحوار الثقافي فيما بينهما، وأنه باستطاعة الصين والسعودية مواجهة الإرهاب من خلال التعاون فيما بينهما لدرء هذا التهديد ودعم الاستقرار والتطور في منطقة الشرق الأوسط.
وتعتبر السعودية ومنذ سنوات طويلة أكبر شريك تجاري للصين والمورد الأول للنفط الخام في منطقة إفريقيا وغرب آسيا، في حين أن الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة.
ووفقا للبيانات الرسمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 69.15 مليار دولار في عام 2014، أكبر 230 مرة من عام 1990 الذي شهد البدء بالعلاقات الدبلوماسية ما بين البلدين.
وفي عام 2014، استوردت الصين 50 مليون طن من النفط من السعودية، وهو ما يمثل 16.1 في المائة من واردات النفط للصين.
وتعد السعودية أيضا من الأسواق المهمة لشركات الهندسة الصينية، فقد وقع مستثمرون صينيون في عام 2014 حزمة من العقود مع شركائهم في منطقة الشرق الأوسط بقيمة إجمالية تقدر 9.46 مليار دولار، بينما بلغ حجم الاستثمار 5.37 مليار دولار في آخر 11 شهرا من العام الماضي، بزيادة 12.6 في المائة على أساس سنوي.
كما أن هناك أكثر من 160 شركة صينية في السعودية تستثمر في مجالات السكك الحديدية والبناء والموانئ ومحطات الكهرباء والاتصالات.
وفي عام 2008 عندما هز الزلزال الضخم مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، عرضت الرياض مساعدات سخية في الوقت المناسب على بكين، التي كانت الأكثر من حيث الكمية مقارنة بالجهات الأخرى التي قدمت مساعدات.
وقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من الزائرين السعوديين إلى الصين، وكذلك تزايد أعدد الحجاج الصينيين المسلمين الذين يزورون المملكة، حيث استقبلت السعودية 14500 حاج صيني العام الماضي.
وتسعى السعودية لتطوير الاقتصاد غير النفطي، كما تدعو المزيد من المستثمرين الصينيين إلى الاستثمار في المملكة. وتأمل السعودية في تكثيف التعاون مع الصين في مجالات الثقافة والنقل والطيران والنقل البحري وغيرها.