FINANCIAL TIMES

الغموض يكتنف قطاع العقارات التجارية في بريطانيا

الغموض يكتنف قطاع العقارات التجارية في بريطانيا

أحد الأشياء الغريبة بشأن سوق العقارات في المملكة المتحدة في الأعوام القليلة الماضية هو الطريقة التي استمر بها المالكون في حال جيدة حتى عندما لم يكن المستأجرون كذلك. إنه شكل من أشكال الخيمياء كان ممكنا في الأساس لأن المشترين كانوا مستعدين للتخلي عن مبالغ أكبر بكثير من أجل التدفقات نفسها من إيراد الإيجارات. مثل هذا الإيمان قد يكون مفهوما في سوق الإسكان المنزلي، حيث نقص المعروض يعمل على دعم الأسعار. لكن المستثمرين كانوا أيضا يشعرون بالنشوة عندما يتعلق الأمر بالقطاعات التجارية، مثل متاجر التجزئة. ليس مهما أن الإيجارات لم تكن ترتفع بسرعة، أو أن أسعار الأسهم في سلاسل المتاجر التجارية الكبيرة في المملكة المتحدة كانت راكدة، بل حتى متراجعة. على مدى الأعوام الخمسة الماضية، ارتفعت قيم العقارات نحو 11 في المائة سنويا. مع ذلك، هناك دلائل أن هذه الثقة قد تكون في حالة انحسار. أولا، صحة بعض متاجر التجزئة الكبيرة بدأت تبدو أكثر هشاشة. اثنتان من سلاسل المتاجر الكبيرة - مجموعة المتاجر الشاملة "بي إتش إس" ومتجر التجزئة لملابس الرجال "أوستن ريد" - انهارتا بالفعل هذا العام. إلى هذا لا بد من إضافة عوامل اللبس الناتجة عن "خروج بريطانيا". منذ التصويت الشهر الماضي أعاد المستثمرون تقييم رهاناتهم على العقارات التجارية. انخفضت أسعار أسهم الشركات العقارية في المملكة المتحدة بنسبة 15 في المائة، وعدد من صناديق العقارات ذات النهاية المفتوحة اضطرت لتعليق عمليات الاسترداد. وسيكون من المثير للدهشة إذا لم يكن المستثمرون يدرسون حيازاتهم التجارية بنظرة جديدة أكثر تشككا. عقارات متاجر التجزئة في المملكة المتحدة - على الرغم من تقلباتها الدورية - كانت بمنزلة مخزن آمن جدا للقيمة بالنسبة للأشخاص الذين يسعون لوضع ثروتهم في الملاذات الآمنة. هناك طابور دولي طويل من الأشخاص الذين يفعلون ذلك، بما في ذلك الجميع في صناديق التقاعد الكندية إلى أنصار حكام القلة الروس. بالطبع، هذا الوضع إلى حد ما يحقق ذاته بذاته. إذا اعتقد معظم الناس أن قيمة شيء ما تعتبر آمنة، فهذا يمكن أن يكون كافيا لجعلها كذلك. لكن حتى قبل استفتاء "خروج بريطانيا"، كان لدى المستثمرين أسبابا للبدء بالتشكيك في ما إذا كان الجمهور، في حالة عقارات متاجر التجزئة، محقا. الفكرة العامة هي أن العقارات التجارية من المفترض أن توفر الأمن للسندات ذات النشاط الذي يشبه الأسهم من الإيجار، الذي يمنح حصة في نمو أعمال المستأجر. هذا ما يجعلها جذابة جدا بالنسبة لصناديق التقاعد. لكن هذا الهيكل لا ينجح إذا كانت متاجر التجزئة الأساسية تتقلص ولا تنمو. في تلك الحالة، يمكن الحصول على ديناميكية بشعة كما هي الحال مع "بي إتش إس". تماما قبل انهيارها، حاولت السلسلة تخفيض الإيجارات على أجزاء من عقارها المكون من 160 متجرا بنسبة مذهلة تبلغ 75 في المائة. بالطبع عندما يعتقد الجميع أن الآخرين ما زالوا يشترون بحماس، فإن العثرة الغريبة مثل هذه لا يغلب عليها أن تكون مهمة. هناك حافز أقل للتدقيق في العقود بعناية، أو في الواقع السؤال ما إذا كانت الإيجارات العالية التي يتم استيفاؤها هي حقا مستدامة على المدى الطويل. مع ذلك، هذه هي بالضبط الأسئلة التي ينبغي أن نسألها الآن في حالة متاجر التجزئة. التكاليف ترتفع مع الزيادة في الحد الأدنى للأجور. وعادات التسوق كانت تتغير بشكل كبير مع زيادة انتشار متاجر التجزئة على الإنترنت، بما لها من تأثير على قطاع العقارات. كانت متاجر التجزئة بحاجة إلى 200 متجر لتغطية المملكة المتحدة. الآن يجادل بعض المحللين أن 80 إلى 100 متجر فقط قد تكون كافية. وهناك ميل متاجر التجزئة، المنتشر على مدى العقود القليلة الماضية، لاستخدام متاجرها الخاصة لادخار المال. صفقات البيع وإعادة التأجير ربما كانت تبدو فيما مضى طريقة ذكية لزيادة رأس المال، إما لدعم الأعمال وإما لإعادة رأس المال للمستثمرين. لكن على عكس الديون المصرفية، التي لديها تكلفة ثابتة ويمكن إعادة تمويلها، فإن هذه الصفقات يمكن أن تجعل متاجر التجزئة عالقة في زيادات اسمية حادة في الإيجارات. هذا ليس أمرا ذكيا جدا عندما يكون تضخم قطاع التجزئة غير موجود تقريبا وهناك منافسون جدد يخفضون الأسعار بقوة. ثم لن يتطلب الأمر وقتا طويلا قبل أن تكافح المتاجر ببساطة من أجل تغطية نفقاتها. ما عليك سوى النظر إلى "دبنهامز"، مجموعة المتاجر الشاملة الكبيرة التي باعت وأعادت تأجير الكثير من عقاراتها بعد عملية استحواذ قبل عقد من الزمن. في عام 2006 تكاليف عقد الإيجار البالغة 130 مليون جنيه كانت تمثل نحو 36 في المائة من مجموع أرباح العقار البالغة 354 مليون جنيه. في العام الماضي ارتفعت تكاليف عقد الإيجار إلى 214 مليون جنيه قبل أرباح العقارات المتراجعة، البالغة 348 مليون جنيه. الإيجارات الآن تبدد ما يزيد على 60 في المائة من الدخل التشغيلي الكامل في المجموعة. متاجر دبنهامز قد تكون حالة متطرفة، لكنها ليست وحدها. تاريخ متاجر التجزئة يظهر أنه عندما تغير تكنولوجيات جديدة العادات الاستهلاكية، فإن المتاجر العملاقة الموجودة منذ فترة طويلة يمكن أن تسقط بسرعة من الحظوة. ابتكار "وولمارت" للسوق الضخمة الخارجية ساعد في دفع "كيه مارت" الذي كان في السابق واحدا من السلاسل الرئيسية التي تقدم الخصومات في الولايات المتحدة، نحو الإفلاس. المزيد من عدم اليقين يؤدي إلى تأثير أقل وتمييز أكثر. هذا عالم يحتاج فيه مستثمرو العقارات إلى الانتقاء بمنتهى الحذر.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES