أبجدية العرب .. النشأة وبدايات التوثيق
أبجدية العرب .. النشأة وبدايات التوثيق
ظهر تاريخ الأبجدية العربية بأن أبجديتها مرت بفترات نمو منذ بداية نشأتها. والاعتقاد السائد بأنها انبثقت من النبطية (وربما هي أحد فروع السريانية) القادمة من الآرامية وهي من السلالة الأبجدية الفينيقية وقد ظهر منها الأبجدية العبرية والأبجدية الإغريقية، ومن الإغريقية ظهرت الأبجديات السريالية والرومانية وغيرها. هناك أيضا كانت توجد الأبجدية العربية الجنوبية أو خط المسند، التي كانت تستخدم بكثرة في جنوب الجزيرة العربية وظهرت على النقوش الحميرية وقبلها السبئية في اليمن ويعتقد أيضا أنها اندثرت مع بداية ظهور الأبجدية النبطية. ظهرت في جنوب الجزيرة العربية الكتابة العربية المعروفة بخط المسند مع ظهور مملكة سبأ قبل القرن العاشر قبل الميلاد ثم توقف استخدام هذا الخط مع القرن السابع الميلادي حيث كان لظهور العصر الإسلامي أثر كبير في لفت الانتباه إلى الكتابة العربية المكتوبة بلغة قريش، التي تطورت بدورها أيضا بعد تنقيطها ببعض النقاط والحركات المميزة. هناك اعتقاد آخر بأن الأبجدية العربية ربما تطورت من النبطية أو من السريانية وهو التصور الأضعف. كثير من المخطوطات يظهر التطورات الخاضعة لشكل الأحرف من المنشأ الآرامي إلى الأشكال النبطية والسريانية. ولطالما كان الاعتقاد بأن الأبجدية النبطية تحولت إلى العربية كما يلي: ما بين القرنين السادس والخامس ق. م هاجرت القبائل السامية إلى الشمال وأنشأوا مملكة تمركزت حول بترا، الموجودة حاليا في الأردن. ويسمى هؤلاء الناس الأنباط نسبة إلى اسم قبيلتهم (نبطو)، ويعتقد أنهم يتكلمون أحد أشكال اللغة العربية. في القرن الثاني الميلادي تم تسجيل ظهور أول أشكال الأبجدية النبطية المكتوبة داخل اللغة الآرامية (التي كانت لغة الاتصال والتجارة)، ولكن كان بها بعض خصائص اللغة العربية: فالأنباط لا يكتبون اللغة التي ينطقونها. فهم يكتبون بأبجدية آرامية، التي هي طور التطور، وقد انقسمت إلى قسمين: إحداهما أعدت للنقوش التي على النصب النبطية الضخمة، والأخرى للأحرف السلسة والمتصلة وللكتابة السريعة، والموجودة على أوراق البردي.
وقد أثرت تلك الكتابة السلسة على الكتابة الضخمة شيئا فشيئا حتى تحولت تدريجيا إلى الأبجدية العربية. ظهرت أول مدونة كتبت بالأحرف العربية عام 512م. وقد كانت مكتوبة بثلاث لغات وهي: اليونانية والسريانية والعربية، وعثر عليها في الزبداني في سورية، وتلك المخطوطة قد احتوت على 22 حرفا عربيا، 15 منها فقط كانت مختلفة، وتستخدم للإشارة إلى 28 حرفا صوتيا. نجا نحو 40 ألف مخطوطة من عهد الجاهلية. ومعظمها موجود بلغات عربية شمالية قديمة. ولكنها كانت مكتوبة بأبجدية مقتبسة من أبجدية المسندية الجنوبية. وثقت اللغة العربية التقليدية (أو لغة القرآن) وما قبل التقليدية بعدد قليل من المخطوطات. وربما القليل منها كان بالأبجدية العربية. فعلى سبيل المثال: المخطوطات الأثرية من الكتابة ما قبل العربية التي يعود تاريخها إلى القرن الأول ق. م من قرية الفاو وقد كتبت بأبجدية المسندية الجنوبية. نقوش نبطية كتبت باللغتين الآرامية والعربية ولكن بأحرف نبطية. يذكر أن هناك القليل جدا من المخطوطات ما قبل الإسلام كتبت بالأحرف العربية، تم التأكد من خمس فقط من تلك المخطوطات. ولا تستخدم تلك المخطوطات النقاط، ما أوجد صعوبة في ترجمتها، حيث إن الكثير من الأحرف تتشابه في الشكل.