خميس بن رمثان .. دليل الصحراء لمستكشفي النفط السعودي
هناك شخصيات عصامية جدت واجتهدت وصنعت لنفسها مكانا مرموقا في مجتمعها، أحبت العمل وأخلصت فيه، وتفانت في سبيل الإنجاز وتحقيق الطموح. كانت نظرتها تسير نحو المستقبل. ومن هؤلاء الشخصية التي نتحدث عنها اليوم.
خميس بن رمثان رجل بدوي من قبيلة العجمان، كان خريتا ماهرا في معرفة الصحراء وطرقها خاصة في شرق المملكة العربية السعودية، وهذا ما جعله يدخل التاريخ.
#2#
فعندما بدأت الشركة الأمريكية في التنقيب عن النفط في شرق السعودية احتاجت إلى دليل ماهر، وطلبت من أمير المنطقة عبدالله بن جلوي أن يساعدها على ذلك، فوقع اختيار الأمير على خميس بن رمثان. وبينما كان ابن رمثان في عمق صحراء الدهناء يعيش حياته البدوية مع عائلته وعشيرته إذا بمندوب الأمير يأتيه طالبا منه الحضور فورا، وفعلا كان ذلك، وبدأ العمل مع شركة التنقيب منذ عام 1353هـ/ 1934، ثم تم تعيينه موظفا رسميا في شركة أرامكو عام 1361هـ/ 1942.
#3#
واستطاع الجيولوجي الأمريكي ماكس ستاينكي بمساعدة خميس في الرابع من مارس عام 1938 أن يعثر على بئر البترول الشهير، بئر الدمام رقم سبعة، التي أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - أن تسمى بئر الخير.
لقد أعجب المهندسون والجيولوجيون الأمريكيون بمهارة خميس بن رمثان ودلالته في الصحراء، فقال عنه توماس بارجر كما في كتاب "تحت القبة الزرقاء": "في الصحراء لا يتوه خميس أبدا، لأنه إضافة إلى حاسته السادسة، وهي نوع من البوصلة الدفينة التي لا تخطئ، كانت لديه ذاكرة مدهشة تمكنه من تذكر "دغلة" كان قد مر بها وهو شاب، أو اتجاه موقع بئر سمع عنه قبل عشر سنوات".
#4#
ظل ابن رمثان على رأس العمل في شركة أرامكو حتى وفاته في مستشفى أرامكو في الظهران متأثرا بمرضه عام 1378هـ/ 1959. وتقديرا لدوره فقد أطلقت أرامكو اسم رمثان على أحد حقول النفط عام 1394هـ/ 1974.
وقبل أكثر من سنة وفي إحدى المعارض اختارته شركة أرامكو كشخصية تميز جناحها، وقال عنه مشرف جناح أرامكو المهندس عبدالعزيز المقيطيب، "خميس بن رمثان العجمي هو أول دليل عمل في أرامكو ويسمى "قصاص الأثر"، وقصاص الأثر موهبة من الله، ويعود له الفضل بعد الله في اكتشاف النفط في المملكة، حينما قام بمساعدة الجيولوجي الأمريكي ماكس إستاينكي ومستكشف النفط بالبحث والتنقيب عن النفط، وكان خميس بن رمثان في ذاك الزمن يعتبر مثل الـ (جي بي إس البشري GPS)، حيث كان يعرف الأماكن والمواقع عن ظهر قلب، وكان يهتدي بالنجوم لمعرفته بالطرق، وكان يقطع الربع الخالي ذهابا وإيابا دون أن يضيع، والجيولوجي ماكس كان قادما من أمريكا للجزيرة العربية بتكليف من الشركة التي كان يعمل فيها من أجل التنقيب والبحث فيها عن النفط، وكان خميس بن رمثان قد ساعد على اكتشاف أول بئر للبترول في السعودية في الدمام، الذي عرف ببئر رقم 7، وكان خميس بن رمثان ملازما لماكس إستاينكي الذي بحث وقال إنه يوجد نفط في الجزيرة العربية في بعض المناطق، ولكن كان يحتاج إلى من يدله على تلك المواقع للقيام بعملية الحفر والتنقيب.
#5#
وقام خميس بن رمثان بهذه المهمة العظيمة التي أثمرت نتائج عادت على البلاد بالخير الوفير، فكان جدير بنا أن نذكر قصة هذا الرجل هنا في المعرض للزوار، فتم اختيار شخصيته لتكون رمزا يميز جناح أرامكو في المعرض".
وتُشكَر شركة أرامكو على هذه الخطوة، فخميس وكل الرجال الذين عملوا بإخلاص وتفان، وخدموا أوطانهم وشعوبهم، أو نفعوا الآخرين، يستحقون التقدير والتكريم في حياتهم وبعد رحيلهم.