مكافحة الفساد والفاسدين

تربط الهيئة العامة لمكافحة الفساد في معرض دراسة لها أسباب انتشار الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي بضعف الوازع الديني الذي احتل في دراستها المرتبة الأولى بنسبة 83 في المائة.
من المؤكد أن 100 في المائة من المحفزات للفاسد كي يمارس فساده هو ضعف الوازع الديني، لأن الإنسان الذي يستحضر مخافة الله ينأى بنفسه عن مثل هذا الفساد.
وبالتالي لا يمكن التعويل على هذه النتيجة والارتهان للراحة، فهي وإن كانت السبب الرئيس للفساد، لكن لا يعدو كون هذا السبب أمرا بدهيا، لا يترتب على الحديث عنه تغيير الواقع لفساد لهؤلاء.
من المهم جدا أن نتذكر أن المعاملات تحكمها أنظمة وقوانين وضوابط تحقق ما لم يستطع الوازع الديني أن يحققه.
ومن المفهوم أيضا أن ضعف الوازع الديني وراء كل الجرائم التي تحدث في العالم كله وليس عندنا فقط. ربما هذا هو السبب الذي جعل البعض يستهجن الإشارة إلى هذه القضية واعتبارها سببا للفساد، خاصة أن المقارنة تتم مع مجتمعات لا يشكل التدين عندها نسبة كبيرة. وهذا يجعل قضية الوازع الديني سلوكا شخصيا يتحمل المرء وزره باعتبار أن "كل نفس بما كسبت رهينة" وباعتبار "إنك لا تهدي من أحببت".
هنا يأتي دور العقد الاجتماعي، والأنظمة واللوائح وتفعيل النصوص الشرعية والقانونية في الحساب والعقاب لكل من يستقوي على الشأن العام ويسرق حقوق الناس ويكسر القوانين والأنظمة. هذا الفساد الذي تعانيه المجتمعات البشرية، يتفاوت مداه من مجتمع لآخر، بقدر قوة وصرامة الآليات التي تتولى الرصد للتجاوزات والمحاسبة عليها. لقد كانت الشفافية عنوانا مهما في رؤية المملكة 2030، وتفعيل أدوات إشاعة الشفافية، تتطلب مواجهة صادقة للفساد والفاسدين. وذلك بتمكين الكفاءات التي تتمتع بالمهنية العالية والوطنية والنظافة. لقد لمست دراسة "نزاهة" قضايا وممارسات فساد مهمة من بينها: (ضعف أداء الجهات الرقابية والقضائية، التساهل في تطبيق العقوبات النظامية، وجود أنظمة إدارية معقدة وقديمة، غياب الشفافية، انخفاض الأجور للموظفين الحكوميين، الأساليب الفاسدة تؤدي للحصول على خدمات أسرع، صعوبة الإبلاغ عن الفساد، القبول الاجتماعي لبعض مظاهر الفساد).
هذا تشخيص دقيق للمشكلة، يبقى تفعيل الحلول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي